للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَظَرَ

(قَالَ): وَحُكْمُ الْجِمَاعِ فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَاحِدٌ إذَا كَانَ عَنْ نِسْيَانٍ أَوْ عَمْدٍ أَوْ فِي حَالِ نَوْمٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ طَوْعٍ إلَّا فِي الْإِثْمِ، أَمَّا النَّاسِي عِنْدَنَا يَفْسُدُ نُسُكُهُ بِالْجِمَاعِ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الْعَامِدَ إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْثَمُ بِعُذْرِ النِّسْيَانِ وَلِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَوْلٌ: إنَّهُ لَا يَفْسُدُ النُّسُكُ بِجِمَاعِ النَّاسِي عَلَى قِيَاسِ الصَّوْمِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ هَذَا الْحُكْمُ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ وَبِسَبَبِ النِّسْيَانِ لَا يَنْعَدِمُ عَيْنُ الْجِمَاعِ، وَهَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ اقْتَرَنَ بِحَالَةِ مَا يَذْكُرُهُ وَهُوَ هَيْئَةُ الْمُحْرِمَيْنِ فَلَا يُعْذَرُ بِالنِّسْيَانِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ إذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ بِخِلَافِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقْتَرِنْ بِحَالَةِ مَا يَذْكُرُهُ فَجَعَلَ النِّسْيَانَ فِيهِ عُذْرًا فِي الْمَنْعِ مِنْ إفْسَادِ الصَّوْمِ بِخِلَافِ الْقِيَاسِ.

(قَالَ): وَإِنْ كَانَتْ نَائِمَةً أَوْ مُكْرَهَةً يَفْسُدُ حَجُّهَا عِنْدَنَا وَلَا يَفْسُدُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْإِكْرَاهَ مَتَى أَبَاحَ الْإِقْدَامَ أَعْدَمَ أَصْلَ الْفِعْلِ مِنْ الْمُكْرَهِ فِي الْأَحْكَامِ، وَالنَّوْمُ يُعْدِمُ أَصْلَ الْفِعْلِ مِنْ النَّائِمِ وَلِهَذَا قَالَ: لَا يَفْسُدُ الصَّوْمُ بِهَذَا الْفِعْلِ فِي حَالَةِ الْإِكْرَاهِ أَوْ النَّوْمِ فَكَذَلِكَ الْإِحْرَامُ، وَعِنْدَنَا تَأْثِيرُ الْإِكْرَاهِ وَالنَّوْمِ فِي دَفْعِ الْمَأْثَمِ لَا فِي إعْدَامِ أَصْلِ الْفِعْلِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الِاغْتِسَالُ وَيَثْبُتُ بِهِ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ فَكَذَلِكَ يَتَعَلَّقُ بِهِ فَسَادُ النُّسُكِ وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ الزَّوْجُ مُحْرِمًا أَوْ حَلَالًا بَالِغًا أَوْ صَغِيرًا عَاقِلًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ تَكُونُ الْمَرْأَةُ مَجْنُونَةً أَوْ صَغِيرَةً؛ لِأَنَّ فَسَادَ النُّسُكِ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ، وَذَلِكَ لَا يَنْعَدِمُ بِالْجُنُونِ وَالصِّغَرِ إذَا كَانَ يُجَامِعُ مِثْلُهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ فِي الْإِحْرَامِ الرَّفَثُ، وَالرَّفَثُ اسْمُ الْجِمَاعِ

(قَالَ): رَجُلٌ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَجَامَعَ فِيهَا ثُمَّ أَحْرَمَ بِأُخْرَى يَنْوِي قَضَاءَهَا قَالَ: هِيَ هِيَ؛ لِأَنَّهُ بِالْجِمَاعِ وَإِنْ فَسَدَ نُسُكُهُ فَقَدْ لَزِمَهُ الْمُضِيُّ فِي الْفَاسِدِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْ الْإِحْرَامِ إلَّا بِأَدَاءِ الْأَعْمَالِ فَنِيَّتُهُ فِي الْإِحْرَامِ بِالْإِهْلَالِ الثَّانِي لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ يَنْوِي إيجَادَ الْمَوْجُودِ وَنِيَّةُ الْقَضَاءِ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ الْوَاحِدَ لَا يَتَّسِعُ لِلْقَضَاءِ وَالْأَدَاءِ فَكَانَ عَلَيْهِ دَمٌ لِلْجِمَاعِ وَيَفْرُغُ مِنْهَا وَعَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَكَذَلِكَ هَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَ مُهِلًّا بِالْحَجَّةِ

(قَالَ): وَإِنْ جَامَعَ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ الطَّوَافِ ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهَا حَجَّةً يَقْضِيهِمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ إضَافَةَ الْحَجِّ إلَى الْعُمْرَةِ الصَّحِيحَةِ جَائِزٌ فَإِلَى الْعُمْرَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْلَى، وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمُ الْقِرَانِ لِفَسَادِ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ. وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ عَنْهُ دَمُ تَرْكِ الْوَقْتِ إذَا أَفْسَدَ بَعْدَ مَا أَحْرَمَ بِهِ يَعْنِي إذَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ حَلَالًا ثُمَّ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ أَوْ حَجَّةٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ فَإِنْ أَفْسَدَهَا بِالْجِمَاعِ سَقَطَ عَنْهُ هَذَا الدَّمُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ النُّسُكِ فَيَعُودُ فَيُحْرِمُ مِنْ الْمِيقَاتِ، وَلِأَنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ بِتَرْكِ الْإِحْرَامِ مِنْ الْمِيقَاتِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي النُّسُكَ بِهَذَا الْإِحْرَامِ، وَلَمْ يَتَأَدَّ نُسُكُهُ بِهَذَا الْإِحْرَامِ حِينَ أَفْسَدَهُ، وَلِهَذَا لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا

(قَالَ): الْمُحْرِمُ بِالْعُمْرَةِ إذَا جَامَعَ النِّسَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>