كَجَمِيعِ الطَّوَافِ فَكَمَا أَنَّهُ لَوْ أَتَمَّ الطَّوَافَ تَحَلَّلَ فِي حَقِّ النِّسَاءِ فَكَذَلِكَ إذَا أَتَى بِأَكْثَرَ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ، وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ إذَا طَافَ جُنُبًا ثُمَّ جَامَعَ بَعْدُ قَبْلَ الْإِعَادَةِ فِي الْقِيَاسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ طَافَ مُحْدِثًا؛ لِأَنَّ التَّحَلُّلَ يَحْصُلُ بِطَوَافِ الْجُنُبِ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ عَلَيْهِ دَمٌ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ مَا بَيَّنَّا أَنَّ طَوَافَ الْجُنُبِ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ إلَّا فِي حُكْمِ التَّحَلُّلِ وَلِهَذَا لَوْ أَعَادَهُ انْفَسَخَ الْأَوَّلُ بِالثَّانِي فِي أَصَحِّ الطَّرِيقَيْنِ فَصَارَ فِي الْمَعْنَى كَالْجِمَاعِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَهُنَا مَا أَتَى بِهِ مِنْ أَكْثَرِ أَشْوَاطِ الطَّوَافِ مُعْتَدٌّ بِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ، تَوْضِيحُهُ أَنَّ مَا بَقِيَ هُنَا يَقُومُ الدَّمُ مَقَامَهُ فَيَكُونُ هَذَا نَظِيرُ النُّقْصَانِ فِي طَوَافِ الْمُحْدِثِ، وَلَوْ طَافَ مُحْدِثًا ثُمَّ جَامَعَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ مَا إذَا طَافَ جُنُبًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ لَا يَجِبُ بِمُقَابَلَةِ أَصْلِ الطَّوَافِ عِنْدَ فَوْتِ أَدَائِهِ وَهِيَ الْبَدَنَةُ فَجِمَاعُهُ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ كَجِمَاعِهِ قَبْلَ الطَّوَافِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَلَقَ قَبْلَ الطَّوَافِ حَتَّى جَامَعَ بَعْدَ مَا طَافَ أَرْبَعَةَ أَشْوَاطٍ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِارْتِكَابِ مَحْظُورِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّ التَّحَلُّلَ بِالطَّوَافِ لَا يَحْصُلُ إذَا لَمْ يَحْلِقْ
(قَالَ): وَالْمَسُّ وَالتَّقْبِيلُ عَنْ شَهْوَةٍ وَالْجِمَاعُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ أَنْزَلَ أَوْ لَمْ يُنْزِلْ لَا يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ وَلِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلٌ: إنَّهُ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِنْزَالُ يَفْسُدُ بِهِ الْإِحْرَامُ عَلَى قِيَاسِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ يَفْسُدُ بِالتَّقْبِيلِ إذَا اتَّصَلَ بِهِ الْإِنْزَالُ، وَلَكِنَّا نَقُولُ فَسَادُ الْإِحْرَامِ حُكْمٌ مُتَعَلِّقٌ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ، أَلَا تَرَى أَنَّ بِارْتِكَابِ سَائِرِ الْمَحْظُورَاتِ لَا يَفْسُدُ وَمَا تَعَلَّقَ بِعَيْنِ الْجِمَاعِ مِنْ الْعُقُوبَةِ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ كَالْحَدِّ ثُمَّ مَا يَجِبُ هُنَا أَبْلُغُ مِمَّا يَجِبُ هُنَاكَ وَهُوَ الْقَضَاءُ فَيَكُونُ قِيَاسَ الْكَفَّارَةِ فِي الصَّوْمِ وَلَا يَجِبُ بِالْجِمَاعِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ الْكَفَّارَةُ هُنَاكَ فَكَذَلِكَ لَا يَجِبُ هُنَا الْقَضَاءُ، وَلَكِنْ عَلَيْهِ دَمٌ، أَمَّا إذَا أَنْزَلَ فَغَيْرُ مُشْكِلٍ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُنْزِلْ عِنْدَنَا وَلِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَوْلٌ: إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يُنْزِلْ عَلَى قِيَاسِ الصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يُنْزِلْ بِالتَّقْبِيلِ فَكَذَلِكَ فِي الْحَجِّ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: الْجِمَاعُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ مِنْ جُمْلَةِ الرَّفَثِ فَكَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ بِسَبَبِ الْإِحْرَامِ وَبِالْإِقْدَامِ عَلَيْهِ يَصِيرُ مُرْتَكِبًا مَحْظُورَ إحْرَامِهِ فَيَلْزَمُهُ دَمٌ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي فِي الصَّوْمِ إلَّا أَنَّ الشَّرْعَ وَرَدَ بِالرُّخْصَةِ فِي التَّقْبِيلِ هُنَاكَ ثُمَّ الْمُحَرَّمُ هُنَاكَ قَضَاءُ الشَّهْوَةِ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالتَّقْبِيلِ بِدُونِ الْإِنْزَالِ وَهُنَا الْمُحَرَّمُ الْجِمَاعُ بِدَوَاعِيهِ وَالتَّقْبِيلُ مِنْ جُمْلَتِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ التَّطَيُّبَ مُحَرَّمٌ هُنَا وَلَا يُحَرَّمُ هُنَاكَ
(قَالَ): وَالنَّظَرُ لَا يُوجِبُ عَلَى الْمُحْرِمِ شَيْئًا وَإِنْ أَنْزَلَ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ بِمَنْزِلَةِ التَّفَكُّرِ إذَا لَمْ يَتَّصِلْ مِنْهُ صُنْعٌ بِالْمَحِلِّ، وَلَوْ تَفَكَّرَ فَأَمْنَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فَكَذَلِكَ إذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute