أَوْجَدَ مَا هُوَ الْأَصْلُ سَقَطَ اعْتِبَارُ الْخَلَفِ، وَإِنْ بَاعَ الْأَوَّلَ وَذَبَحَ الْآخَرَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِي أَكْثَرَ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ أَفْضَلُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالْفَضْلِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ الْأَوَّلَ هَدْيًا أَصْلًا فَإِنَّمَا يَجُوزُ إقَامَةُ الثَّانِي مَقَامَ الْأَوَّلِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ أَنْقَصَ مِنْ الْأَوَّلِ، فَإِذَا كَانَ أَنْقَصَ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِقَدْرِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ أَنْ يَمْنَعَ شَيْئًا مِمَّا جَعَلَهُ لِلَّهِ تَعَالَى، وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، فَيَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ لِيُتِمَّ جَعْلَ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الْمَالِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى. وَهَدْيُ الْمُتْعَةِ وَالتَّطَوُّعِ فِي هَذَا سَوَاءٌ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَ لِلَّهِ تَعَالَى إذَا جَعَلَهُمَا هَدْيًا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا، فَإِنْ عَرَّفَ بِهَدْيِ الْمُتْعَةِ فَهُوَ حَسَنٌ؛ لِأَنَّ هَدْيَ الْمُتْعَةِ نُسُكٌ فَيَنْبَنِي أَمْرُهُ عَلَى الشُّهْرَةِ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ التَّقَرُّبُ بِإِرَاقَةِ الدَّمِ فَالتَّعْرِيفُ فِيهِ لَيْسَ مِنْ الْوَاجِبِ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ لِلْمُتْعَةِ هَدْيَانِ فَنَحَرَ أَحَدَهُمَا حَلَّ؛ لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ تَطَوُّعٌ فَلَا يَتَوَقَّفُ حُكْمُ التَّحَلُّلِ عَلَيْهِ
(قَالَ:): وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا بَلَغَ الْحَرَمَ فَعَطِبَ فَنَحَرَ وَتَصَدَّقَ بِهِ أَجْزَأَهُ بِخِلَافِ هَدْيِ الْمُتْعَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ مُخْتَصٌّ بِيَوْمِ النَّحْرِ فَلَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَأَمَّا هَدْيُ التَّطَوُّعِ غَيْرُ مُخْتَصٍّ بِيَوْمِ النَّحْرِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ تَبْلِيغُهُ مَحِلَّهُ بِأَنْ يَذْبَحَهُ فِي الْحَرَمِ، وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ
(قَالَ:): فَإِنْ اشْتَرَى بَدَنَةً لِمُتْعَتِهِ ثُمَّ اشْتَرَكَ سِتَّةُ نَفَرٍ فِيهَا بَعْدَ مَا أَوْجَبَهَا لِنَفْسِهِ خَاصَّةً لَا يَسَعُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَوْجَبَهَا لِنَفْسِهِ صَارَ الْكُلُّ لَازِمًا عَلَيْهِ، فَإِنْ قَدَّرَ مَا يُجْزِئُ مِنْ هَدْيِ الْمُتْعَةِ كَانَ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ وَجَبَ بِإِيجَابِهِ فَإِشْرَاكُهُ الْغَيْرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَعَ نَفْسِهِ يَكُونُ رُجُوعًا عَمَّا أَوْجَبَ فِي الْبَعْضِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُلِّ فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْبَعْضِ، وَلِأَنَّ إشْرَاكَهُ بَيْعٌ لِلْبَعْضِ مِنْهُمْ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ شَيْئًا مِمَّا أَوْجَبَهُ هَدْيًا، وَإِنْ فَعَلَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ نَوَى عِنْدَ الشِّرَاءِ أَنْ يُشْرِكَ فِيهَا سِتَّةَ نَفَرٍ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْكُلَّ عَلَى نَفْسِهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ فَكَانَ هَذَا وَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ السَّبْعَةُ سَوَاءً، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ نِيَّةٌ عِنْدَ الشِّرَاءِ، وَلَكِنْ لَمْ يُوجِبْهَا حَتَّى أَشْرَكَ فِيهَا سِتَّةَ نَفَرٍ أَجْزَأَهُ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ ابْتِدَاءُ الشِّرَاءِ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ أَحَدِهِمْ بِأَمْرِ الْبَاقِينَ حَتَّى تَثْبُتَ الشَّرِكَةُ مِنْهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ
(قَالَ:): وَإِذَا وَلَدَتْ الْبَدَنَةُ بَعْدَ مَا اشْتَرَاهَا لِهَدْيِهِ ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهَا لِلَّهِ تَعَالَى خَالِصًا وَالْوَلَدُ جُزْءٌ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ انْفِصَالُهُ بَعْدَ مَا جَعَلَهَا لِلَّهِ تَعَالَى سَرَى حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى إلَيْهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَذْبَحَهَا وَالْوَلَدَ مَعَهَا، وَإِنْ بَاعَ الْوَلَدَ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ اعْتِبَارًا لِلْجُزْءِ بِالْكُلِّ، وَإِنْ اشْتَرَى بِهَا هَدْيًا فَحَسَنٌ، وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا فَحَسَنٌ اعْتِبَارًا لِلْقِيمَةِ بِالْوَلَدِ فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute