للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زَوَالَ الشَّمْسِ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ فَلَا يَجِدُ بُدًّا مِنْ أَنْ يَتَوَضَّأَ قَبْلَ الزَّوَالِ.

قَالَ (وَإِنْ سَالَ الدَّمُ بَعْدَ الْوُضُوءِ حَتَّى نَفَذَ الرِّبَاطُ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ أَدَاءِ الصَّلَاةِ مَا بَقِيَ الْوَقْتُ) «؛ لِأَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - لَمَّا قَالَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنِّي أَثُجُّ الدَّمَ ثَجًّا قَالَ احْتَشِي، وَالْتَجِمِي، وَصَلِّي»، وَإِنْ قَطَرَ الدَّمُ عَلَى الْحَصِيرِ قَطْرًا فَإِنْ أَصَابَ ثَوْبَهُ مِنْ ذَلِكَ الدَّمِ فَعَلَيْهِ أَنْ يَغْسِلَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ مُفِيدًا بِأَنْ كَانَ لَا يُصِيبُهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى إذَا لَمْ يَغْسِلْهُ، وَصَلَّى، وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ لَمْ يُجْزِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْغُسْلُ مُفِيدًا بِأَنْ كَانَ يُصِيبُهُ ثَانِيًا، وَثَالِثًا، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ الرَّازِيّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ: عَلَيْهِ غَسْلُ ثَوْبِهِ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ مَرَّةً بِالْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ، وَغَيْرُهُ مِنْ مَشَايِخِنَا يَقُولُ: لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْوُضُوءِ عَرَفْنَاهُ بِالنَّصِّ، وَنَجَاسَةُ الثَّوْبِ لَيْسَتْ فِي مَعْنَى الْحَدَثِ حَتَّى أَنَّ الْقَلِيلَ مِنْهُ يَكُونُ عَفْوًا فَلَا يَلْحَقُ بِهِ فَإِنْ سَالَ الدَّمُ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ أَعَادَ الْوُضُوءَ، وَإِنْ كَانَ الْوَقْتُ بَاقِيًا؛ لِأَنَّ هَذَا حَدَثٌ جَدِيدٌ، وَتَقَدُّرُ طَهَارَتِهِ بِالْوَقْتِ كَانَ لِلْحَدَثِ الْمَوْجُودِ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ فَمَا يَتَجَدَّدُ مِنْ الْحَدَثِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ.

قَالَ (وَمَنْ خَاضَ مَاءَ الْمَطَرِ إلَى الْمَسْجِدِ، أَوْ دَاسَ الطِّينَ لَمْ يَنْقُضْ ذَلِكَ وُضُوءَهُ)؛ لِأَنَّ انْتِقَاضَ الْوُضُوءِ بِالْخَارِجِ النَّجِسِ مِنْ الْبَدَنِ، وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - خَرَجَ يَوْمًا، وَالسَّمَاءُ تَسْكُبُ فَأَخَذَ نَعْلَيْهِ بِيَدِهِ، وَخَاضَ الْمَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَمَسَحَ قَدَمَيْهِ، وَدَخَلَ، وَصَلَّى، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا وُضُوءَ عَلَيْهِ، وَلَا غَسْلَ الْقَدَمَيْنِ بَلْ يَمْسَحُ قَدَمَيْهِ، وَيُصَلِّي هَذَا إذَا كَانَ التُّرَابُ طَاهِرًا فَإِنَّ الطِّينَ النَّازِلَ مِنْ السَّمَاءِ، وَالتُّرَابَ الطَّاهِرَ طَاهِرٌ فَأَمَّا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا إمَّا الْمَاءُ، وَإِمَّا التُّرَابُ نَجِسًا فَالطِّينُ نَجِسٌ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا مَسَحَ قَدَمَيْهِ خَارِجَ الْمَسْجِدِ كَيْ لَا يُؤَدِّي إلَى تَلْوِيثِ الْمَسْجِدِ، وَرُوِيَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - رَأَى رَجُلًا يَمْسَحُ خُفَّيْهِ بِأُسْطُوَانَةِ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لَهُ لَوْ مَسَحْته بِلِحْيَتِكَ كَانَ خَيْرًا لَكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعًا مُعَدًّا لِذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ فَحِينَئِذٍ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ لَا يُصَلَّى فِيهِ عَادَةً.

قَالَ (وَمَنْ سَالَ عَلَيْهِ مِنْ مَوْضِعٍ شَيْءٌ لَا يَدْرِي مَا هُوَ فَغُسْلُهُ أَحْسَنُ)؛ لِأَنَّ غُسْلَهُ لَا يَرِيبُهُ، وَتَرْكُهُ يَرِيبُهُ.

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» فَإِنْ تَرَكَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الطَّهَارَةِ فِي ثَوْبِهِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ حَقِيقَةِ النَّجَاسَةِ فَإِنْ كَانَ فِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ نَجِسٌ غَسَلَهُ؛ لِأَنَّ أَكْبَرَ الرَّأْي فِيمَا لَا تُعْلَمُ حَقِيقَتَهُ كَالْيَقِينِ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْمُؤْمِنُ يَنْظُرُ بِنُورِ اللَّهِ تَعَالَى»، وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَقُولُ فِي بَلْدَتِنَا لَا بُدَّ مِنْ غُسْلِهِ؛ لِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>