الظَّاهِرَ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَاقُ الْبَوْلُ، أَوْ الْمَاءُ النَّجِسُ مِنْ السُّطُوحِ.
قَالَ (وَإِنْ انْتَضَحَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَوْلِ مِثْلُ رُءُوسِ الْإِبَرِ لَمْ يَلْزَمْهُ غَسْلُهُ)
؛ لِأَنَّ فِيهِ بَلْوًى فَإِنَّ مَنْ بَال فِي يَوْمِ رِيحٍ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَهُ ذَلِكَ خُصُوصًا فِي الصَّحَارِيِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَا لَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ يَكُونُ عَفْوًا.
قَالَ (وَمَنْ شَكَّ فِي بَعْضِ وُضُوئِهِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَا شَكَّ غَسَلَ الْمَوْضِعَ الَّذِي شَكَّ فِيهِ) لِأَنَّ غَسْلَهُ لَا يَرِيبُهُ، وَلِأَنَّهُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ الْحَدَثِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَفِي شَكٍّ مِنْ غَسْلِهِ.
وَلَمْ يُرِدْ بِهَذَا اللَّفْظِ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهُ قَطُّ مِثْلُ هَذَا إنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّ الشَّكَّ فِي مِثْلِهِ لَمْ يَصِرْ عَادَةً لَهُ حَتَّى قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ يَعْرِضُ لَهُ ذَلِكَ كَثِيرًا لَمْ يَلْتَفِتْ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَسَاوِسِ، وَالسَّبِيلُ فِي الْوَسَاوِسِ قَطْعُهَا، وَتَرْكُ الِالْتِفَاتِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اشْتَغَلَ بِهَا لَمْ يَتَفَرَّغْ لِأَدَاءِ الصَّلَاةِ فَكُلَّمَا قَامَ إلَيْهَا يُبْتَلَى بِمِثْلِ هَذَا الشَّكِّ. .
قَالَ (وَمَنْ شَكَّ فِي الْحَدَثِ فَهُوَ عَلَى وُضُوئِهِ، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا فَشَكَّ فِي الْوُضُوءِ فَهُوَ عَلَى حَدَثِهِ؛ لِأَنَّ الشَّكَّ لَا يُعَارِضُ الْيَقِينَ، وَمَا تَيَقَّنَ بِهِ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ)، وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - قَالَ الْمُتَوَضِّئُ إذَا تَذَكَّرَ أَنَّهُ دَخَلَ الْخَلَاءَ لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ، وَشَكَّ أَنَّهُ خَرَجَ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَهَا، أَوْ بَعْدَ مَا قَضَاهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَتَوَضَّأَ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ مَا خَرَجَ إلَّا بَعْدَ قَضَائِهَا.
وَكَذَلِكَ الْمُحْدِثُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ جَلَسَ لِلْوُضُوءِ، وَمَعَهُ الْمَاءُ، وَشَكَّ فِي أَنَّهُ قَامَ قَبْلَ أَنْ يَتَوَضَّأَ، أَوْ بَعْدَ مَا تَوَضَّأَ فَلَا وُضُوءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَقُومُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، وَالْبِنَاءُ عَلَى الظَّاهِرِ، وَاجِبٌ مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُهُ.
قَالَ (وَمَنْ تَوَضَّأَ، ثُمَّ رَأَى الْبَلَلَ سَائِلًا عَنْ ذَكَرِهِ أَعَادَ الْوُضُوءَ)؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ سَالَ مِنْهُ، وَهُوَ نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ، وَإِنَّمَا قَالَ رَآهُ سَائِلًا؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْبِلَّةِ مُحْتَمَلَةٌ أَنْ تَكُونَ مِنْ مَاءِ الطَّهَارَةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ بَوْلٌ ظَهَرَ عَلَيْهِ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَائِلًا، وَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُرِيهِ ذَلِكَ كَثِيرًا، وَلَا يَعْلَمُ أَنَّهُ بَوْلٌ، أَوْ مَاءٌ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْوَسَاوِسِ فَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّيْطَانَ يَأْتِي أَحَدَكُمْ فَيَنْفُخُ بَيْنَ أَلْيَتَيْهِ، وَيَقُولُ أَحْدَثْت أَحْدَثْت فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا»، وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّ شَيْطَانًا يُقَالُ لَهُ الْوَلَهَانُ لَا شُغْلَ لَهُ إلَّا الْوَسْوَسَةَ فِي الْوُضُوءِ» فَلَا يَلْتَفِتُ إلَى ذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْضَحَ فَرْجَهُ، وَإِزَارَهُ بِالْمَاءِ إذَا تَوَضَّأَ قَطْعًا لِهَذِهِ الْوَسْوَسَةِ حَتَّى إذَا أَحَسَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَحَالَهُ عَلَى ذَلِكَ الْمَاءِ، وَقَدْ رَوَى أَنَسٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْضَحُ إزَارَهُ بِالْمَاءِ إذَا تَوَضَّأَ»، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ قَالَ «نَزَلَ عَلَيَّ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَمَرَنِي بِذَلِكَ». .
قَالَ (وَلَيْسَ دَمُ الْبَقِّ، وَالْبَرَاغِيثِ بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَمٍ سَائِلٍ، وَلَا يُسْتَطَاعُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ) خُصُوصًا فِي زَمَنِ الصَّيْفِ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute