للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآيَةَ فَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ. وَأَمَّا حَدِيثُ الرُّقْيَةِ قُلْنَا كَانَ ذَلِكَ مَالًا أَخَذَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِطَرِيقِ الْغَنِيمَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «اضْرِبُوا لِي فِيهَا بِسَهْمٍ» مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَشْرُوطًا بِعَيْنِهِ مَا لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ يَجُوزُ أَخْذُهُ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ عَلَى الْحَجِّ لَا يَجُوزُ، قُلْنَا: الْعَقْدُ الَّذِي لَا جَوَازَ لَهُ بِحَالٍ يَكُونُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، وَإِذَا سَقَطَ اعْتِبَارُ الْعَقْدِ بَقِيَ أَمْرُهُ بِالْحَجِّ فَيَكُونُ لَهُ نَفَقَةُ مِثْلِهِ فِي مَالِهِ، وَهَذِهِ النَّفَقَةُ لَيْسَ يَسْتَحِقُّهَا بِطَرِيقِ الْعِوَضِ، وَلَكِنْ يَسْتَحِقُّ كِفَايَتَهُ؛ لِأَنَّهُ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِعَمَلٍ يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ فَيَسْتَحِقُّ الْكِفَايَةَ فِي مَالِهِ كَالْقَاضِي يَسْتَحِقُّ كِفَايَتَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْعَامِلُ يَسْتَحِقُّ الْكِفَايَةَ فِي مَالِ الصَّدَقَةِ وَالْمَرْأَةُ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي مَالِ الزَّوْجِ لَا بِطَرِيقِ الْعِوَضِ

(قَالَ): وَيَجُوزُ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ عَنْ الْمَحْبُوسِ إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَحَقَّقَ الْيَأْسُ عَنْ الْأَدَاءِ بِالْبَدَنِ.

(قَالَ): وَالْحَاجُّ عَنْ غَيْرِهِ إنْ شَاءَ قَالَ: لَبَّيْكَ عَنْ فُلَانٍ، وَإِنْ شَاءَ اكْتَفَى بِالنِّيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْحَاجِّ عَنْ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَرَّحَ بِالْحَجِّ عِنْدَ الْإِحْرَامِ وَإِنْ شَاءَ نَوَى وَاكْتَفَى بِالنِّيَّةِ

(قَالَ): وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِالْقِرَانِ فَخَرَجَ الْمُجَهَّزُ يَؤُمُّ الْبَيْتَ وَسَاقَ هَدْيًا فَقَلَّدَهُ يَكُونُ مُحْرِمًا بِهِمَا جَمِيعًا؛ لِأَنَّ إحْرَامَهُ عَنْ غَيْرِهِ مُعْتَبَرٌ بِإِحْرَامِهِ عَنْ نَفْسِهِ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ يَحْصُلُ بِسَوْقِ الْهَدْيِ كَمَا يَحْصُلُ بِالتَّلْبِيَةِ فَكَذَلِكَ إحْرَامُهُ عَنْ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْهَدْيُ لِقِرَانِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ نَذْرٍ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ جَزَاءِ صَيْدٍ أَوْ مِنْ جِمَاعٍ فِي إحْرَامٍ قَبْلَ هَذَا أَوْ إحْصَارٍ كَانَ قَبْلَ هَذَا فَسَاقَ مَعَهُ لِذَلِكَ هَدْيًا بَدَنَةً وَقَلَّدَهَا فَهُوَ مُحْرِمٌ عَلَى قِيَاسِ مَا لَوْ نَوَى الْإِحْرَامَ عَنْ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُحْرِمًا بِتَقْلِيدِ هَذِهِ الْهَدَايَا وَسَوْقِهَا فَكَذَلِكَ إذَا نَوَى الْإِحْرَامَ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْهَدَايَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ

(قَالَ): رَجُلٌ أَمَرَهُ رَجُلَانِ أَنْ يَحُجَّ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَهَلَّ بِحَجَّةٍ عَنْ أَحَدِهِمَا لَا يَنْوِي عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، قَالَ: لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ إلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى - وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَرَى ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَهُوَ ضَامِنٌ لِنَفَقَتِهِمَا، وَحُجَّتُهُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ لَهُ، فَإِذَا لَمْ يَفْعَلْ صَارَ مُخَالِفًا كَمَا إذَا نَوَى عَنْهُمَا جَمِيعًا بِخِلَافِ الْحَاجِّ عَنْ الْأَبَوَيْنِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَأْمُورٍ بِهِ مِنْ جِهَتِهِمَا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَصِحُّ نِيَّتُهُ عَنْهُمَا فَكَذَلِكَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِغَيْرِ عَيْنِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ النِّيَّةَ بِمَنْزِلَةِ الرُّكْنِ فِي الْعِبَادَاتِ فَإِنَّ قِيمَةَ الْعَمَلِ يَكُونُ بِالنِّيَّةِ فَبِتَرْكِهِ تَعْيِينَ النِّيَّةِ يَكُونُ مُخَالِفًا فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَهُمَا قَالَا: الْإِبْهَامُ فِي الِابْتِدَاءِ لَا يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ صَحِيحًا وَالتَّعْيِينُ فِي الِانْتِهَاءِ بِمَنْزِلَةِ التَّعْيِينِ فِي الِابْتِدَاءِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ لَا يَنْوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>