بَيْنَ الْإِسْرَائِيلِيَّة وَغَيْرِهَا، وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ فِي الْجَوَازِ لِكَوْنِهَا كِتَابِيَّةً، وَأَمَّا الْمَجُوسِيَّةُ لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا لِلْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - جَوَازَ نِكَاحِ الْمَجُوسِيَّةِ بِنَاءً عَلَى مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ الْمَجُوسَ أَهْلُ كِتَابٍ، وَلَكِنْ لَمَّا وَاقَعَ مَلِكُهُمْ أُخْتَهُ، وَلَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ أَسْرَى بِكِتَابِهِمْ فَنَسُوهُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {أَنْ تَقُولُوا إنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا} [الأنعام: ١٥٦]، وَإِذَا قُلْنَا لِلْمَجُوسِ كِتَابٌ كَانُوا ثَلَاثَ طَوَائِفَ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «سُنُّوا بِالْمَجُوسِ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ غَيْرَ نَاكِحِي نِسَائِهِمْ، وَلَا آكِلِي ذَبَائِحِهِمْ» وَلَئِنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَلَكِنْ بَعْدَ مَا نَسُوا خَرَجُوا مِنْ أَنْ يَكُونُوا أَهْلَ كِتَابٍ، فَأَمَّا نِكَاحُ الصَّابِئَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَيُكْرَهُ، وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ - رَحِمَهَا اللَّهُ تَعَالَى - وَكَذَلِكَ ذَبَائِحُهُمْ، وَهَذَا الِاخْتِلَافُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّابِئِينَ مِنْهُمْ فَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُمْ قَوْمٌ مِنْ النَّصَارَى يَقْرَءُونَ الزَّبُورَ وَيُعَظِّمُونَ بَعْضَ الْكَوَاكِبِ كَتَعْظِيمِنَا الْقِبْلَةَ وَهُمَا جَعَلَا تَعْظِيمَهُمْ لِبَعْضِ الْكَوَاكِبِ عِبَادَةً مِنْهُمْ لَهَا فَكَانُوا كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ، وَقَالَا: إنَّهُمْ يُخَالِفُونَ النَّصَارَى وَالْيَهُودَ فِيمَا يَعْتَقِدُونَ فَلَا يَكُونُونَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، وَلَكِنَّ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: مُخَالَفَتُهُمْ لِلنَّصَارَى فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ لَا تُخْرِجُهُمْ مِنْ أَنْ يَكُونُوا مِنْ جُمْلَتِهِمْ كَبَنِي تَغْلِبَ فَإِنَّهُمْ يُخَالِفُونَ النَّصَارَى فِي الْخُمُورِ وَالْخَنَازِيرِ، ثُمَّ كَانُوا مِنْ جُمْلَةِ النَّصَارَى
(قَالَ): وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَبِنْتَ زَوْجٍ قَدْ كَانَ لَهَا مِنْ قَبْلِ ذَلِكَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ بِنْتَ الزَّوْجِ لَوْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهَا مَنْكُوحَةُ أَبِيهِ، وَكُلُّ امْرَأَتَيْنِ لَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا ذَكَرًا لَمْ تَجُزْ الْمُنَاكَحَةُ بَيْنَهُمَا فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِكَاحًا لَا يَجُوزُ كَالْأُخْتَيْنِ، وَلَكِنَّا نَسْتَدِلُّ بِحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ امْرَأَةِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَابْنَتِهِ، ثُمَّ الْمَانِعُ مِنْ الْجَمْعِ قَرَابَةٌ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ أَوْ مَا أَشْبَهَ الْقَرَابَةَ فِي الْحُرْمَةِ كَالرَّضَاعِ، وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا وَمَا قَالَهُ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّمَا يُعْتَبَرُ إذَا تُصُوِّرَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ كَمَا فِي الْأُخْتَيْنِ، وَذَلِكَ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا فَإِنَّ امْرَأَةَ الْأَبِ لَوْ صَوَّرْتَهَا ذَكَرًا جَازَ لَهُ نِكَاحُ الْبِنْتِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُمَا لَيْسَتَا كَالْأُخْتَيْنِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمَا وَكَمَا جَازَ لِلْأَوَّلِ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَكَذَلِكَ لِلثَّانِي، وَكَذَلِكَ لَا بَأْسَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ وَيُزَوِّجَ ابْنَهُ أُمَّهَا أَوْ ابْنَتَهَا فَإِنَّ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَنَفِيَّةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - تَزَوَّجَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute