للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَدَّاهُ فِي حَيَاتِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ فَبِمَوْتِهِ لَا يَصِيرُ مُوجِبًا لِلرُّجُوعِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ إنَّمَا لَا يَرْجِعُ فِي حَيَاتِهِ إذَا أَدَّى لِمَعْنَى الصِّلَةِ، وَقَدْ بَطَلَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ ضَمِنَ عَنْهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ بِأَمْرِهِ وَاسْتَوْفَاهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الضَّمَانُ فِي مَرَضِ الْأَبِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مِنْهُ عَلَى وَلَدِهِ بِضَمَانِ الصَّدَاقِ مِنْهُ وَتَبَرُّعُ الْوَالِدِ عَلَى وَلَدِهِ فِي مَرَضِهِ بَاطِلٌ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مِنْ ضَمِنَ عَنْ وَارِثِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ، ثُمَّ مَاتَ فَضَمَانُهُ بَاطِلٌ لِمَا بَيَّنَّا

(قَالَ): وَالْمَجْنُونُ الْمَغْلُوبُ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ كَالصَّغِيرِ وَيَسْتَوِي إنْ كَانَ جُنُونُهُ أَصْلِيًّا أَوْ طَارِئًا وَعَلَى قَوْلِ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجُنُونِ الْأَصْلِيِّ كَذَلِكَ الْجَوَابُ بِأَنْ بَلَغَ مَجْنُونًا، فَأَمَّا فِي الْجُنُونِ الطَّارِئِ لَا يَكُونُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ وِلَايَةُ التَّزْوِيجِ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ بُلُوغِهِ وَالنِّكَاحُ يُعْقَدُ لِلْعُمُرِ، وَلَا تَتَجَدَّدُ الْحَاجَةُ إلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ فَبِصَيْرُورَتِهِ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ يَقَعُ الِاسْتِغْنَاءُ فِيهِ عَنْ نَظَرِ الْوَلِيِّ بِخِلَافِ الْمَالِ فَإِنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ تَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: ثُبُوتُ الْوِلَايَةِ لِعَجْزِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ عَنْ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَالْجُنُونُ الْأَصْلِيُّ وَالْعَارِضُ فِي هَذَا سَوَاءٌ فَرُبَّمَا لَمْ يَتَّفِقْ لَهُ كُفْءٌ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ حَتَّى جُنَّ أَوْ مَاتَتْ زَوْجَتُهُ بَعْدَ مَا جُنَّ فَتَتَحَقَّقُ الْحَاجَةُ فِي الْجُنُونِ الطَّارِئِ كَمَا تَتَحَقَّقُ فِي الْجُنُونِ الْأَصْلِيِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>