الزَّوْجِ فَيَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ لِلتَّغَيُّرِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ الْأَخْذَ ضَمَّنَتْ الزَّوْجَ النُّقْصَانَ، وَرَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا حَقُّ تَضْمِينِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى الزَّوْجِ بِالْعَقْدِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ الْمَبِيعِ، وَالْبَائِعُ إذَا عَيَّبَ الْمَبِيعَ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَلْزَمُهُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ لِلْمُشْتَرِي فَهَذَا مِثْلُهُ، وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الزَّوْجَ أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْ الصَّدَاقِ، وَلَوْ أَتْلَفَ الْكُلَّ ضَمِنَ قِيمَةَ الْكُلِّ، فَكَذَلِكَ إذَا أَتْلَفَ جُزْءًا مِنْهُ، وَبِهِ فَارَقَ الْبَيْعَ فَإِنَّ الْبَائِعَ هُنَاكَ لَوْ أَتْلَفَ الْكُلَّ لَمْ يَضْمَنْهُ فَكَذَا إذَا أَتْلَفَ الْجُزْءَ.
ثُمَّ الْمَعْنَى فِيهِ: أَنَّ الْمَبِيعَ مَضْمُونٌ بِالثَّمَنِ، وَفِي مَا هُوَ مَضْمُونٌ بِهِ فَصَّلْنَا بَيْنَ الْعَيْبِ بِفِعْلِ الْبَائِعِ وَبِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ حَتَّى إنَّهُ إذَا تَعَيَّبَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ عَنْ الْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَيَّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَهُنَا أَيْضًا يُفْصَلُ بَيْنَهُمَا فِيمَا إذَا كَانَ الصَّدَاقُ مَضْمُونًا بِهِ، وَهُوَ الْقِيمَةُ؛ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِتْلَافَ مِنْ الزَّوْجِ يَتَحَقَّقُ فِي الْأَوْصَافِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْأَصْلِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَعَيَّبَ بِغَيْرِ فِعْلِهِ فَإِنَّ الضَّمَانَ هُنَاكَ بِالْعَقْدِ، وَالْعَقْدُ لَا يَتَنَاوَلُ الْأَوْصَافَ مَقْصُودًا.
(الثَّالِثُ): أَنْ يَكُونَ التَّعَيُّبُ بِفِعْلِ الصَّدَاقِ بِنَفْسِهِ فَفِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ هَذَا كَالْعَيْبِ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ بِنَفْسِهِ هَدَرٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ تَغَيُّبِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ، وَفِعْلُ الْمَضْمُونِ كَفِعْلِ الضَّامِنِ فِي اسْتِحْقَاقِ مُوجِبِهِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمَغْصُوبِ.
(الرَّابِعُ): إنْ حَصَلَ التَّعَيُّبُ بِفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ، وَيَكُونُ ضَمَانُ النُّقْصَانِ بِمَنْزِلَةِ الزِّيَادَةِ الْمُتَوَلِّدَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ لِلتَّغَيُّرِ فَإِذَا اخْتَارَتْ الْأَخْذَ رَجَعَتْ عَلَى الْجَانِي بِضَمَانِ النُّقْصَانِ، وَإِنْ اخْتَارَتْ تَضْمِينَ الزَّوْجِ الْقِيمَةَ رَجَعَ الزَّوْجُ عَلَى الْجَانِي بِضَمَانِ النُّقْصَانِ، وَلَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَ الْعَيْنَ، وَتُضَمِّنَ الزَّوْجَ النُّقْصَانَ لَمْ يَكُنْ لَهَا؛ لِانْعِدَامِ الصُّنْعِ مِنْ الزَّوْجِ فِي التَّعَيُّبِ.
(الْخَامِسُ): أَنْ يَكُونَ التَّعَيُّبُ بِفِعْلِ الْمَرْأَةِ فَتَصِيرُ بِهِ قَابِضَةً لِلصَّدَاقِ؛ لِأَنَّهَا أَتْلَفَتْ جُزْءًا مِنْهُ فَتَكُونُ قَابِضَةً لِذَلِكَ الْجُزْءِ بِالْإِتْلَافِ، وَلِمَا وَرَاءَ ذَلِكَ بِالتَّخَلِّي، وَلَا خِيَارَ لَهَا فِي ذَلِكَ، وَاَلَّذِي بَيَّنَّا فِي هَذِهِ الْفُصُولِ فِيمَا إذَا دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ أَوْ مَاتَ عَنْهَا فَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَهِيَ فِي حَقِّ النِّصْفِ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ كَمَا فِي الْكُلِّ إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ
فَأَمَّا إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ مَا قَبَضَتْ الصَّدَاقَ فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا: أَمَّا إذَا تَعَيَّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَهَا نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَتْ؛ لِتَعَذُّرِ رَدِّ النِّصْفِ كَمَا قَبَضَتْ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ النِّصْفَ نَاقِصًا، وَلَيْسَ عَلَيْهَا مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ كَانَ مَمْلُوكًا لَهَا مِلْكًا تَامًّا فَتَعَيُّبُهُ فِي يَدِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute