للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيَكُونُ سَالِمًا لَهَا بِكُلِّ حَالٍ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ.

وَإِذَا تَعَذَّرَ تَنَصُّفُ الزِّيَادَةِ تَعَذَّرَ تَنَصُّفُ الْأَصْلِ لِمَا قَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّدَاقَ فِي حُكْمِ الصِّلَةِ مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِكُهُ لَا عِوَضًا عَنْ مَالٍ يُسْتَحَقُّ عَلَيْهَا، وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ فِي الصِّلَاتِ تَمْنَعُ رَدَّ الْأَصْلِ كَالْمَوْهُوبِ، وَتَأْثِيرُ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ فِي الصِّلَاتِ أَكْثَرُ مِنْ تَأْثِيرِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ حَتَّى أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُنْفَصِلَةَ فِي الْهِبَةِ لَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَالْمُتَّصِلَةُ تَمْنَعُ ثُمَّ الزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ هُنَا تَمْنَعُ تَنَصُّفَ الْأَصْلِ فَالْمُتَّصِلَةُ أَوْلَى، فَأَمَّا الْبَيْعُ فَالصَّحِيحُ أَنَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى الزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ هُنَاكَ تَمْنَعُ فَسْخَ الْعَقْدِ مِنْ الْأَصْلِ كَالْمُنْفَصِلَةِ، وَمَا ذُكِرَ فِي الْمَأْذُونِ فَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خَاصَّةً، وَقَدْ نَصَّ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ تَمْنَعُ الْفَسْخَ بِالتَّحَالُفِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ، وَلَوْ كَانَ حُدُوثُ الزِّيَادَةِ فِي يَدِهَا بَعْدَمَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ يَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ مَعَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ بِالطَّلَاقِ صَارَ رَدُّ نِصْفِ الْأَصْلِ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهَا فَيَسْرِي ذَلِكَ إلَى الزِّيَادَةِ كَالْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا يُرَدُّ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَالْمُنْفَصِلَةِ، بِخِلَافِ مَا قَبْلَ الطَّلَاقِ.

فَأَمَّا حُكْمُ النُّقْصَانِ فَإِنْ تَعَيَّبَ الصَّدَاقُ فِي يَدِ الزَّوْجِ بِعَيْبٍ يَسِيرٍ فَلَا خِيَارَ لِلْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الْيَسِيرَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا الْخِيَارُ بِسَبَبِهِ فَكَذَا إذَا حَدَثَ بَعْدَ الْعَقْدِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَعَنْ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَغَيَّرَ عَلَيْهَا شَرْطُ الْعَقْدِ فَإِنَّهَا اسْتَحَقَّتْ الصَّدَاقَ بِصِفَةِ السَّلَامَةِ، وَبِالتَّعَيُّبِ قَدْ تَغَيَّرَ، وَلَكِنَّ هَذَا يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِهِ فِي الْعَيْبِ الْمَوْجُودِ وَقْتَ الْعَقْدِ أَنْ يَثْبُتَ لَهَا الْخِيَارُ أَيْضًا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا

فَأَمَّا إذَا حَدَثَ بِالصَّدَاقِ عَيْبٌ فَاحِشٌ فِي يَدِ الزَّوْجِ فَهُوَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ.

(أَحَدُهَا): أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ إنْ شَاءَتْ رَجَعَتْ بِقِيمَةِ الصَّدَاقِ يَوْمَ تَزْوِيجِهَا عَلَى الزَّوْجِ، وَإِنْ شَاءَتْ أَخَذَتْ الْمَعِيبَ، وَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ عَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِ الصَّدَاقِ سَلِيمًا كَمَا أَوْجَبَهُ الْعَقْدُ فَيَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ، وَإِذَا أَرَادَتْ رَجَعَتْ بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ الْعَيْنِ مَعَ بَقَاءِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْأَخْذَ فَلَا شَيْءَ لَهَا مِنْ ضَمَانِ النُّقْصَانِ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالْعَقْدِ، وَالْأَوْصَافُ لَا تَكُونُ مَضْمُونَةً بِالْعَقْدِ وَعَنْ زُفَرَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ لَهَا أَنْ تُضَمِّنَ الزَّوْجَ النُّقْصَانَ؛ لِأَنَّ الصَّدَاقَ مَضْمُونٌ فِي يَدِ الزَّوْجِ بِنَفْسِهِ كَالْمَغْصُوبِ إذَا تَعَيَّبَ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ النُّقْصَانَ مَعَ اسْتِرْدَادِ الْعَيْنِ، وَلَكِنَّا نَقُولُ: الْمَغْصُوبُ مَضْمُونٌ بِالْقَبْضِ، وَالْأَوْصَافُ تُضْمَنُ بِالْقَبْضِ.

(وَالثَّانِي): أَنْ يَكُونَ التَّعَيُّبُ بِفِعْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>