تَنَصُّفُ الزِّيَادَةِ بِتَعَذُّرِ تَنَصُّفِ الْأَصْلِ، وَوَجْهُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنَّهَا مَلَكَتْ الصَّدَاقَ بِالْعَقْدِ، وَتَمَّ مِلْكُهَا بِالْقَبْضِ فَالزِّيَادَةُ حَدَثَتْ عَلَى مِلْكٍ تَامٍّ لَهَا، وَحُكْمُ التَّنَصُّفِ عِنْدَ الطَّلَاقِ إنَّمَا يَثْبُتُ فِي الْمَفْرُوضِ فِي الْعَقْدِ، وَالزِّيَادَةُ مَا كَانَتْ مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ لَا حَقِيقَةً، وَلَا حُكْمًا إذَا لَمْ يَرِدْ عَلَيْهَا الْقَبْضُ الْمُسْتَحَقُّ بِالْعَقْدِ فَتَعَذَّرَ تَنَصُّفُهَا، وَهِيَ جُزْءٌ مِنْ الْعَيْنِ فَيَتَعَذَّرُ تَنَصُّفُهَا بِتَعَذُّرِ تَنَصُّفِ الْعَيْنِ كَالزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْمَبِيعِ تَمْنَعُ رَدَّ الْأَصْلِ بِالْعَيْبِ إذَا كَانَ حَادِثًا بَعْدَ الْقَبْضِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ فِي الْمَوْهُوبِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْوَاهِبَ مِنْ الرُّجُوعِ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ عَقْدُ تَبَرُّعٍ، فَإِذَا رَجَعَ فِي الْأَصْلِ بَقِيَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَقَدْ كَانَ الْأَصْلُ سَالِمًا بِغَيْرِ عِوَضٍ فَيَجُوزُ أَنْ تُسَلَّمَ الزِّيَادَةُ لَهُ أَيْضًا بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَأَمَّا الْبَيْعُ، وَالنِّكَاحُ مُعَاوَضَةً فَبَعْدَ تَعَذُّرِ رَدِّ الزِّيَادَةِ لَوْ أَثْبَتْنَا حُكْمَ الرَّدِّ فِي الْأَصْلِ بَقِيَتْ الزِّيَادَةُ سَالِمَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْأَصْلِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَلَّمَ الْمِلْكُ بِغَيْرِ عِوَضٍ بَعْدَ رَفْعِ عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ بَيْنَهُمَا فَإِذَا تَعَذَّرَ تَنْصِيفُ الْأَصْلِ وَجَبَ عَلَيْهَا نِصْفُ الْقِيمَةِ لِلزَّوْجِ؛ لِتَعَذُّرِ رَدِّ الْعَيْنِ بَعْدَ تَقَرُّرِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ، وَإِنَّمَا دَخَلَ الصَّدَاقُ فِي ضَمَانِهَا بِالْقَبْضِ فَلِهَذَا كَانَ الْمُعْتَبَرُ الْقِيمَةَ وَقْتَ الْقَبْضِ، فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ، وَالْجَمَالِ وَانْجِلَاءِ الْبَيَاضِ فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى هَذَا، وَالزِّيَادَةُ الْمُنْفَصِلَةُ سَوَاءٌ، وَلِلزَّوْجِ عَلَيْهَا نِصْفُ قِيمَةِ الصَّدَاقِ يَوْمَ قَبَضَتْ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَزُفَرَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى يَتَنَصَّفُ الْأَصْلُ بِزِيَادَتِهِ، وَحُجَّتُهُمَا فِي ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَالزِّيَادَةُ الْمُتَّصِلَةُ لَا عِبْرَةَ بِهَا فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ كَمَا فِي الْبَيْعِ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعَبْدٍ، وَقَبَضَ الْجَارِيَةَ فَازْدَادَتْ زِيَادَةً مُتَّصِلَةً ثُمَّ هَلَكَ الْعَبْدُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ أَوْ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ يَسْتَرِدُّ الْجَارِيَةَ بِزِيَادَتِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُنْفَصِلَةً.
وَهَذَا لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ بِمَنْزِلَةِ الشَّعْرِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ حَدَثَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ لَا يَنْقَسِمُ الثَّمَنُ بِاعْتِبَارِهَا كَزِيَادَةِ الشَّعْرِ فَكَذَلِكَ فِي الصَّدَاقِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَوْهُوبَةِ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ الْمُتَّصِلَةَ فِيهَا تَمْنَعُ الرُّجُوعَ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ لَيْسَتْ بِعَقْدِ ضَمَانٍ فَالْقَبْضُ بِحُكْمِهِ لَمَّا لَمْ يُوجِبْ ضَمَانَ الْعَيْنِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَاهِبِ حَقٌّ فِي الْعَيْنِ حَتَّى تَسْرِيَ إلَى الزِّيَادَةِ، وَإِذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ فِي الزِّيَادَةِ تَعَذَّرَ فِي الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ لَا يَنْفَصِلُ عَنْ الزِّيَادَةِ فَأَمَّا قَبْضُهَا الصَّدَاقَ قَبْضَ ضَمَانٍ وَثُبُوتُ الضَّمَانِ لِحَقِّ الزَّوْجِ فِيهِ يَتَبَيَّنُ بَقَاءُ حَقِّ الزَّوْجِ فِي الْأَصْلِ فَيَسْرِي إلَى الزِّيَادَةِ كَمَا فِي الْبَيْعِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا: هَذِهِ الزِّيَادَةُ حَدَثَتْ مِنْ مِلْكٍ صَحِيحٍ تَامٍّ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute