للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

موجودًا وخَلَق (١) له العِلْمَ به مُلَائِمًا خَلَقَ له إليه مَيْلًا، وعليه إقبالًا، وخَلَقَ له التردد في الملاءمة:

هل هي من جميع الوجوه أو من بعضها؟

أو هل (٢) هي ملائمة المبدأ والمآل جميعًا أم تختلف حال الملاءمة فيهما (٣)؟

ولا تزال الخواطر تتعارض، والنَّظَرُ يَزِنُ مقاديرها في مجاريها، حتى إذا خَلَقَه له معلومًا ملائمًا من كل وَجْهٍ في كلِّ حال، ومَنَعَ (٤) العوارض القاطعة، خَلَقَ له عليه القُدرة، وكان الإقدامُ منه على الفِعْلِ بالقدرة الأوَّلية، وحَصَلَ الوجود.

فالخاطر الأوَّلُ من المَيْلِ: تُسَمِّيه العَرَبُ هَمًّا.

والثاني: تسَمِّيُه إِرَادَةً وعَزْمًا.

والثالث: المُتَجَرِّدُ عن الوساوس والعوارض والقواطع تُسَمِّيه نِيَّة؛ مأخوذٌ من النَّوَى، وهو البُعْدُ، أي بَعُدَتْ عن كل ما يعارض ويمنع.

ولمَّا كانت هذه كلها صفات حدوث وحالَ تَغَيُّرٍ؛ تَنَزَّهَ القَدِيمُ عنها، وكانت له الإرادة التي هي صِفَةٌ شَأْنُها تَمْيِيزُ الشيء عن مثله؛ قَدِيمَة أوَّليَّة تتعلق بكل مخلوق مُحْدَثٍ، ووقعت في المخلوق دَلِيلًا على الخالق بما


(١) في (س): أو خلق.
(٢) في (س) و (ص): وهل.
(٣) في (ص) و (ز): فيها، وسقطت من (س).
(٤) في (د) -أيضًا-: ومع.