للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا قولهم: إن النية لها تبديل في الأعمال؛ فذلك لا يوجب تقدمها عليها، وإنما ذلك بمنزلة الطهارة، فإن لها تبديلًا في الأحوال.

وإذا (١) فَهِمْتُمْ حقيقة النية؛ فالإخلاصُ فيها أن لا يمتزج القَصْد بها إلى الله مع شيء سواه كما قدَّمناه، وذلك لا يكون إلا مع قوة العلم بالله، وصريح الإيمان، وقوة الإسلام.

وقال بعضُ المُتَعَبِّدِينَ -وهو رُؤَيْمُ بن أحمد (٢) -: "لا يكون الإخلاصُ إلَّا لرَجُل لم يَقْصِدْ بعَمَلِه عِوَضًا؛ لا في الدنيا ولا في الآخرة، وإنما يَنْوِي الخِدْمَةَ لحَقِّ المَوْلَى خاصَّة" (٣).

ومن فَهِمَ المَوْلَى لم يَقُلْ هذا؛ لأنه يتعالى عن الحظوظ، وإن كانت تجب له الحقوق، قال النبي : "قال الله تعالى: لو أن أهل الأرض اجتمعوا على أتقى قَلْبِ رَجُلٍ ما زاد ذلك في مُلْكِي، ولو أن أهل الأرض اجتمعوا على أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ ما نقص ذلك من مُلْكِي" (٤)، وما يقصد أَحَدٌ بطاعته إلَّا حَظَّ نَفْسِه في خَلَاصٍ من عقاب، أو (٥) اجتلاب ثواب، ولذلك خُلِقَتِ السماواتُ والأرضُ.

وقد قال القاضي أبو بكر: "إنَّ هذا كُفْرٌ" (٦)، وصَدَقَ.


(١) في (س) و (ز): فإذا.
(٢) في (س) و (ص): رؤيم بن ماتع.
(٣) الرسالة للقشيري: (ص ٢٤١)، والإحياء: (ص ١٧٥٢).
(٤) أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، رقم: (٢٥٧٧ - عبد الباقي).
(٥) في (د): و.
(٦) الإحياء: (ص ١٧٥٢).