للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال بعض الصوفية (١): "هذا الذي ذكره القاضي حَقٌّ، ولكن الذي أراده رؤيم: أن يتبرأ العاملُ من حظوظ النفس الشهوانية في الجنة؛ التي هي الأكل والشرب والجماع، فأمَّا التلذذ بمعرفة الله ورؤيته فذلك غاية الآمال عندهم، وحَظُّهم معبودُهم لا غير".

قال الإمامُ الحافظ أبو بكر (٢) : وهذا غَيْرُ مَنْكورٍ، ولكن النيات في ذلك تختلف، فمن كان أَمَلُه نَعِيمَ الجنة ورؤيةَ الله فهو في غاية الإخلاص، ومن كان أملُه رؤية الله خاصَّة فهو أشرف؛ وذلك لأن الساكن بالجنة يستغني عن الطعام والشراب، وإنما يفعله لَذَّةً لا عن حاجة، ورؤية الله في الجنة ليست دائمة، وهي إذا كانت لا يُعَادِلُها نَعِيم، كما لا يعادلُ رضاه ثواب، وفي ألفاظ القوم اختلاطٌ يُوجِبُ الإيهام، فهذا تخْلِيصُه.

وقد قال بعضهم: "الإخلاصُ ما استتر عن الخلق وصَفَا من العُلَقِ (٣) " (٤).

وهذا لا يلزم، بل يكونُ الإخلاص مع عِلْمِ الخَلْقِ بالإيمان (٥) والصلاة والصيام.


(١) هو الإمام أبو حامد الطُّوسِي، ينظر: الإحياء: (ص ١٧٥٢).
(٢) في (د): قال الإمام الحافظ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي، وفي (ز): قال الإمام الحافظ أبو بكر بن العربي.
(٣) في (د): في خـ: العلائق.
(٤) الإحياء: (ص ١٧٥٢).
(٥) في (س) و (ص): في الإيمان.