للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا حَجُّه ماشيًا ليتَوَفَّرَ مالُه؛ فقد روى البخاري: "أن أَنسًا حَجَّ على رَحْلٍ رثٍّ (١) ولم يكن شحيحًا" (٢)، يريد: أنه لم يَحُجَّ بأُبَّهةٍ ولا في رفاهية؛ لأنه مَوْضعُ توَاضُع واختصار، وبذَاذَة ورِثَّةٍ.

فإن قَصَدَ توفير المال ليصرفه في وَجْهٍ آخَرَ من البِرِّ في هذه المسألة وغَيْرِها فهو مأجورٌ في الوجهين، وإن كان حبَسَه حُبًا للمال وكثرة فهو مأجورٌ في حَجِّهِ ومَشْيِه، فإن (٣) أَعْطَى صدقة المال وحبَسَه بعد إخراج الصدقة فهو مَغْبُونٌ في ذلك، مُرْبحٌ في حَجِّه ومَشْيِه (٤).

وأما إن توضَّأ تَبَرُّدًا فلا ينقص من أجره شيء، وله ما نَوَى من الطهارة.

وأمَّا الاعتكاف فِرَارًا من الكراء فكمسألة الحجِّ المتقدِّمة آنِفًا سواء.

وأمَّا أن يعُودَ ليُعاد، ويَحْمِلَ الموتى ليُحْمَلَ، ويُصَلِّي ليُصَلَّى عليه؛ فذلك أفضلُ النيات، وأكملُ القُرُبَاتِ، ومن أَفْضَلِ الأعمال التعاونُ على الصالحات.

وأمَّا أن يفعل ذلك كلَّه ليُنظر إليه بعَيْنِ الصَّلَاح؛ فإني سألتُ شيخنا الإمام أبا منصور الشِّيرَازِي الصُّوفِي (٥) عن قوله: ﴿إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا


(١) سقطت من (د) و (ص).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الحج، باب الحج على الرَّحْلِ، رقم: (١٥١٧ - طوق).
(٣) في (س) و (ص): وإن.
(٤) قوله: "وإن أَعْطَى صدقة المال وحبَسَه بعد إخراج الصدقة فهو مَغْبُونٌ في ذلك، مُرْبحٌ في حَجِّه ومَشْيِه" سقط من (ص).
(٥) الإمام أبو منصور الشيرازي، من علماء بغداد ووُعَّاظِها، وكان له مجلس =