للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أخطأ؛ فإنه قد كان قضى حَقَّ التَّشْيِيع، فكان من حقه أن يقضي حَقَّ البلوغ إلى موضع الزيارة والكفَّارة، ولو خرج بنية الحج ورؤية البلاد للاعتبار لكانت نيّتَيْنِ، ولتضاعف (١) له الأجرُ مرَّتين.

وأمَّا استراحته من الأنكاد بالخروج للحج أو للهجرة فهو دَأْبُ المرسلين، وسُنَّةُ الماضين، قد قال الخليل (٢): ﴿إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ [الصافات: ٩٩]، وقال كليم الله: ﴿فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ٢٠]، وكلُّ إِذَايَةٍ قَلَّتْ أو كَثُرَتْ؛ كانت في الدين أو في البدن أو في المال، إذا توارى عنها المرءُ بالله آجَرَه الله وكفَاهُ.

وأمَّا إذا خرج من الفقر لئلَّا يُعَيَّرَ به في بلده، أو لتعذُّر أسباب المعاش عليه فيه؛ فإن ذلك جائزٌ له، ولا يُعَارَضُ هذا بنيَّة الحج ولا نيَّة الهجرة.

فأمَّا تَعَلّمُ العِلْم ليَحْتَمِيَ به من الظلم فنِيَّةٌ جميلةٌ؛ لا تؤثر في مثوبة ولا تنقص من أجر، وأحقُّ ما وفَّى المرءُ به (٣) نفسَه طاعةُ الله وعِلْمُه وكلامُه (٤)، فالاستغناءُ بالقرآن والعِلْمِ عن كلِّ شيء أَصْلٌ في الدِّين.


(١) في (س) و (ز): لضُوعِف به، وما أثبتناه صحّحه بطرة بـ (س)، وهو كذلك في (د) و (ص).
(٢) في (س) و (ص) و (ز): خير البرية، ومرَّضها في (د).
(٣) في (س) و (ص) و (ز) و (ف): به المرء.
(٤) سقطت من (د) و (ص).