للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عائشة في حَدِيثٍ: أن النبي قال: "ما منكم من أَحَدٍ إلَّا وله شيطانٌ، قالت له: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، حتى أعانني الله عليه فأسلم" (١).

وفي بعض طُرُقِه: "ولا يأمرني إلَّا بخير" (٢).

وقد قال الله تعالى للشيطان: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا﴾ [الإسراء: ٦٤].

وهذا أَمْرُ تَهْدِيدٍ لا أَمْرُ تكليف، أفادنا الله به الإعلامَ بأنَّه سَيَفْعَلُ ذلك كلَّه، وأنه سَيَعْصِمُ منه عباده الذين استخلصهم لنفسه، إذ لا سلطان له على أَحَدٍ، أي (٣): لا تَسَلُّطَ ولا حُجَّةَ (٤)، الحُجَّةُ لله تعالى، والقدرة له، والمقدور له، وفِعْلُ إبليس لا تأثير له إلَّا إظهارُ العلامة على حُكْمِ الله تعالى في العبد، إذ المقدورُ بالقدرة الحادثة لا يتجاوز مَحَلَّ القدرة، ومَنْعُه


(١) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب تحريش الشيطان، وبعث سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينًا، رقم: (٢٨١٥ - عبد الباقي).
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود : كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب تحريش الشيطان، وبعث سراياه لفتنة الناس، وأن مع كل إنسان قرينًا، رقم: (٢٨١٤ - عبد الباقي).
(٣) سقطت من (س).
(٤) قال الإمام ابن عطية (٥/ ٥١٠): "وتفسيرُه هنا بالحجة قَلِقٌ"، كأنه لم يرتض ما ذهب إليه ابنُ العربي في تفسير "السلطان" الوارد في هذه الآية.