للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان أبو بكر ممَّن يَرُبُّ (١) رَسُولَ الله ، وكان عُمَرُ ممَّن يَذُبُّ عن رسول الله ، وحسَّانُ ممَّن يُنَافِحُ عن رسول الله ، وسائرُ الصحابة على هذين القِسْمَيْنِ إلَّا الأوَّل (٢)؛ فلم يَنْزِلْ في منزلة أبي بَكْرٍ أَحَدٌ.

وللنُّفْسِ ثَلَاثَةُ أَعْوَانٍ؛ إبليس، والدنيا، والهوى، وليس لها إلَّا نَاصِرٌ واحدٌ، وهو العقل، والكلُّ من جُنْدِ الله، أولئك من حِزْبِ الشيطان، والعَقْلُ من حِزْبِ الرحمن، والقضاءُ مُسَيْطِرٌ على الكلِّ، يفصلُ بين تنازعهم، ويَمْضِي بكل أحد إلى ما كُتِبَ له، قال بعضُهم (٣):

إنِّي بُلِيتُ بأَرْبَع يَرْمِينَنِي … بالنَّبْلِ عن قَوْسٍ لها تَوْتِيرُ

إبليسُ والدنيا ونَفْسِي والهوى … يا ربِّ أنت على الخلاص قَدِيرُ

والنفسُ أشدُّها لأنها بعَيْنِ (٤) المحبوب، وفي لِبْسَتِه تتراءى بصِفَتِه، وتَتَلَبَّسُ بهيئته، وتُزَيِّنُ القبيح، وتستر الداء، وتَجْلُو كلَّ مكروه بِصِفَةِ (٥) المحبوب، كما قال القائل -وهو الفرزدق (٦) -:

وعَيْنُ الرِّضَا عن كُلِّ عَيْبٍ كَلِيلَةٌ … ولكنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي المَسَاوِيَا (٧)


(١) في (د) و (س): يذب عن.
(٢) في (ص): الأولى.
(٣) البيتان من الكامل، وهما في تفسير القرطبي: (٢٠/ ٦٧)، والتذكرة له: (٢/ ٨٨٠)، وغيرها من كتب الوعظ غير منسُوبَين.
(٤) في (د): في خـ: بين المحبوب.
(٥) في (س) و (ف): فصفة.
(٦) قوله: "وهو الفرزدق" لم يرد في (ص) و (س) و (ز) و (ف).
(٧) البيت من الطويل، وهو لعبد الله بن معاوية في الأغاني: (١٢/ ٢٥٠)، والكامل: (١/ ١٧٢)، وغلط من ينسبه للمتنبي.