للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي معارضته قال سفيان بن عُيَينة:

اعملْ بعِلْمِي ولا تنظر إلى عَمَلِي … يَنْفَعْكَ عِلْمِي ولا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي (١)

وفي ذلك كلام طويل ذكرناه (٢) في (٣) مواضعه؛ حسبما أشرنا إليه في "قانون التأويل" (٤).

والصحيحُ هو الأول، ولكن إذا سمعت حَقًّا فَخُذْهُ، وإن كان من لسان مُبْطِلٍ، واسْتَنِرْ أنتَ به، وإن احترقَ هو فيه، ولا يَقْدِرُ على ذلك كلُّ أحد، وإنما يكون كذلك من خَصَّه الله به، كما قال تعالى: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ٢٦٩].

فأخبر أن الحكمة يؤتيها من يشاء، ولا يتذكَّر بالذِّكْرَى إلَّا من كان له لُبٌّ، أي: من (٥) كان علمُه (٦) حاضرًا، ولم تَلْحَقْهُ غفلة.

وأصلُ الحكمة أن تحكم نفسك، فمن لم يحكم نفسه فليس بقوي ولا ذي (٧) حِكْمَةٍ، ولهذه الحكمة طهَّر الله نبيَّه داود ممَّا نسمه إليه أهلُ التفسير؛ ممَّا كذبت عليه الإسرائيليَّة؛ من أنه شُغِفَ بالمرأة، وعرَّض


(١) من البسيط، وهو للخليل بن أحمد الفراهيدي في المعارف لابن قُتَيبة: (ص ٥٤٢)، ولباب الآداب للثعالبي: (ص ١٦١)، وسِمط اللَآلي: (١/ ٨١٥).
(٢) في (س): اذكروه، وفي (ص): مذكور.
(٣) في (س) و (ص): من.
(٤) قانون التأويل: (ص ٢٥٤ - ٢٥٥).
(٥) في (د): كمن.
(٦) في (ص): عقله.
(٧) في (د): ذا.