للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل: "اصبروا بنفوسكم، وصابروا بقلوبكم، ورابطوا بجوارحكم".

ويقال: "اصبروا عن ملاحظة الثواب، وصابروا على الدنو والزُّلْفَةِ من الله، ورابطوا على باب العدو (١)، واتقوا الله في مغازيه (٢) حتى تفلحوا".

المعنى: تظفروا.

وقال علماؤنا: "إن قوله: ﴿وَصَابِرُوا﴾، أي: خُذُوا الصبر شيئًا بعد شيء".

قال النبي : "إن هذا الدين متين، فأوغل فيه برفْقٍ، فإن المُنْبَتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظَهْرًا أبقى، ولن يشادَّ أَحَدٌ هذا الدين إلَّا غلبه" (٣).

المعنى في ذلك: أنك لا تقدر أن تأخذ من الطاعات إلَّا الأقل، أَمَا إن الذي يلزمك ألَّا تترك شيئًا من المعاصي إلَّا تَجْتَنِبه.

قال النبي مُبيِّنًا لهذا المعنى: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه" (٤).

وما من حيوان إلَّا رَكَّبَ الله فيه الصبر، حتى إنَّ صَبْرَ البهائم ممَّا خلقه الله فيهم (٥) حكمة وآية.


(١) في (ك) و (ص) و (ب): العزة.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): معارفه.
(٣) أخرجه الإمام أحمد في مسنده مختصرًا عن أنس بن مالك : (٢٠/ ٣٤٦)، رقم: (١٣٠٥٢ - شعيب)، وأخرجه القُضاعي في مسنده من حديث جابر بن عبد الله : (٢/ ٣٤٦).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الاعتصام، باب الاقتداء بسنن رسول الله ، رقم: (٧٢٨٨ - طوق).
(٥) في (د): فيهم، فيها.