للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أنكر بعضُ (١) أشياخنا صَبْرَ البهائم واستبعده؛ لمَّا رآه ينبني على غير (٢) معارف.

وهذا ضَعِيفٌ من قوله مع قوته في العلم؛ فإن العلم المتعلق بمنفعة المعاش ومضرته (٣) موجود عند البهائم، بل عندها من المعاني (٤) في تدبير المعاش ما لا يُدْرِكُه الآدَمِي، والذي يدلُّك على ما عندها من ذلك أمران عظيمان:

أحدهما: المشاهدة؛ لتصرفها في فجورها وتقواها.

الثاني: أن النبي قد أخبر عنها بأنها ذات رحمة وحنان، قال النبي : "إن الله خلق مائة رحمة، وأعطى الخلق منها واحدة، فبها تَرْفَعُ البهيمة حافرها عن ولدها" (٥)، هذا في الصحيح.

وفي الحَسَنِ: "أن طائرًا أَخَذَتْ أَفْرُخَه (٦) الصحابةُ في بعض الأسفار، فجاءت الأم فلم تجدهم، ورأتهم بأيدي الآخذين لهم، فجَعَلَتْ تُرَفْرِفُ عليهم، حتى أمر النبيُّ بصرفهم إليها، ثم قال: أترون رُحْمَ هذه بأولادها؟ فالله أرحمُ بعباده منها" (٧).


(١) هو أبو حامد الطوسي، الإحياء: (ص ١٤٠١).
(٢) سقطت من (ك) و (ص) و (ب).
(٣) بعده في جميع النسخ: والترجيح إذا تعارضت، وضرب عليها في (د).
(٤) في (ب): المعارف.
(٥) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الأدب، باب جعل الله الرحمة مائة جزءًا، رقم: (٦٠٠٠ - طوق).
(٦) في (د): أفراخه، وفي (ص): أن الصحابة أخذت أفرخ طائر.
(٧) أخرجه بنحوه أبو داود في السنن: كتاب الجهاد، باب في كراهية حرق العدو بالنار، رقم: (٢٦٧٥ - شعيب).