للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالمؤمنون يضرعون إلى الله في أن يتَمِّمَ نُورَهم حتى يصلوا به إلى الجنة؛ إذ نورُ المنافق يُطْفِئُه حَرٌّ النار عند الصراط لضعفه، ونُورُ المؤمن لقوَّته لا يؤثر فيه ريحُ نَارٍ (١)، ولا يطفئه إعصار.

ومن أخبار الرجاء العظيمة قَوْلُه : "لا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان" (٢)، ويعارضه في الخوف الحديث الصحيح مثله: "لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خَرْدَلٍ من كِبْرٍ" (٣)، وهو مُشْكِلٌ، قد بيَّنُّاه في موضعه.

نكْتَتُه وجهان:

أحدهما: أن مَعْنَى (٤) "لا يدخل النار مَن في قلبه (٥) مثقالُ ذرَّة من إيمان"؛ أي: لا يَتَغَشَّاه وإن دخل صاحبُه النار، فإنما يكون في ضَحْضَاحِها؛ فإن الله قد أخبر عن أهل النار الذين يدخلونها بأنها تتغشَّاهم في قوله لهم: ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ﴾ [الزمر: ١٥].

الثاني: أن يكون معناه: أنه لا ترى (٦) النارُ قلبًا (٧) فيه هذا القَدْر، ولا تأكله ولا تُسَلَّطُ (٨) عليه، كما أن الله حرَّم أعضاء السجود على النار؛ فكذلك حرَّم قَلْبَ الإيمان على النار.


(١) في (د): النار.
(٢) أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود : كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر، رقم: (٩١ - عبد الباقي).
(٣) هو حديث ابن مسعود السَّابق.
(٤) في (ص) و (ك) و (ب): معناه.
(٥) قوله: "من في قلبه" سقط من (ك).
(٦) في (ك) و (ص) و (ب): يرى.
(٧) في (ك) و (ص) و (ب): قلب.
(٨) في (ك) و (ب): تتسلط.