للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا رسول الله، نكون عندك تُذَكِّرُنا بالنار والجنة كأنَّا رأي عين، فإذا خرجنا من عندك عافسنا (١) الأزواج والأولاد والضَّيعات فنسينا كثيرًا، فقال رسول الله: والذي نفسي بيده، لو تدومون على ما تكونون عندي وفي (٢) الذِّكْرِ لصافحتكم الملائكة على فُرُشِكم وفي طُرُقِكم، ولكن يا حنظلة؛ ساعة وساعة" (٣).

وإن رجع إلى معصية فهو ممَّن خَلَطَ عملًا صالحًا وآخر سَيِّئًا، ومن (٤) اقتحم الشهوة ولام النفس فهو خائفٌ من وجه، مُسَوِّفٌ من آخر، فهذا هو الرجاء القاصر.

كما أن الكامل فيه هو الذي يتخلَّى عن الشهوات خوفًا من التقصير والإملاء والتدريج (٥) إلى الشبهات، ويكفُّ عن السيِّئات (٦) خوفًا من الوقوع في المحرَّمات، ويَفِرُّ عن (٧) المحرَّمات خوفًا من العقوبات وسوء الخاتمة، فهو بهذه الآخِرَةِ "عَفِيفٌ" أو "مُتَّقِي"، وبالتي قبلها "وَرعٌ"، وبالتي قبلها "زَاهِدٌ"، فإن تخلَّى عمَّا هو سوى الله خوفًا من تَقْصِيرٍ في حق الله فهو "صِدِّيقٌ"، وقد مضى بيانُه في موضعه؛ فإنَّ هذه الأسماء تتداخلُ من وجوه (٨).


(١) في (د): غافسنا.
(٢) في (ك) و (ب): في.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) في (ك) و (ص): وممَّن.
(٥) في (ك): الترع، ومرَّضها، وفي الطرة: التذرع، وصحَّحها، وهي التي في (ب)، وفي (ع): النزع، وفي (د): في خـ: النزوع.
(٦) في (ك) و (ب): الشبهات.
(٧) في (د): عن، من.
(٨) ينظر: الإحياء: (ص ١٥٠٤).