للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأَوْجَبَ هذا خوفًا لا أَمْنَ معه إلَّا باطِّلاع حال (١) الخاتمة على المآل (٢)؛ ولذلك قال النبي : "فَرَغَ ربُّكم، اعملُوا فكلٌّ مُيَسَّرٌ لما خُلق له، أمَّا من كان من أهل السعادة فيُيَسَّرُ (٣) لعمل أهل السعادة" (٤)، فجعل العمل الصالح علامةً في الأغلب والأكثر، وبهذا يقع الأُنْسُ.

ومن أعظم المخاوف أيضًا سوء الحساب، وهو أن يَبْدُوَ له من الله ما لم يكن يحتسب، من انكشاف ما يظنُّه طاعةً معصيةً، أو مناقشة الحساب، وهو دون هذا وإن كان عظيمًا، فإنَّ وراءه العذاب؛ لقوله في الحديث الصحيح: "من نُوقِشَ الحساب عُذِّبَ" (٥).

قال الإمام الحافظ (٦) : وإنَّ الله لا يهدي إلَّا خائفًا لله، قال تعالى في "ألواح موسى": ﴿وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ﴾ [الأعراف: ١٥٤]، وقال في كتابنا: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ١]، وبذلك وصَّى كلَّ أمَّة، وكما أنه لا يهتدي إلَّا مُتَّقِي؛ كذلك لا يتذكَّر إلَّا خائف.

قال تعالى: ﴿سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشَى﴾ [الأعلى: ١٠]، أي: لا ينتفع بالذكرى إلَّا من يخشى، وهو "العَالِمُ"، كما قال الله: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: ٢٨]، فإذا زال العِلْمُ استوى عنده الحق والباطل فلم ينتفع بشيء.


(١) في (ب): على.
(٢) في (ك) و (ب) و (ص): الحال.
(٣) في (ك) و (ب): فسيُيَسَّرُ.
(٤) تقدَّم تخريجه.
(٥) تقدَّم تخريجه.
(٦) في (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي، وفي (ب): قال الإمام.