للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[نَقْضُ ما ذهب إليه أبو حامد في أجناس المحبة]:

ونحن لا نشتغل بتفصيل إبطال ذلك، وإنَّما ندَّعي ونُثْبِتُ أن الإنسان لا يحب إلَّا نفسه، والإحسانُ والحُسْنُ (١) والجمالُ والمشابهةُ كلها إليه عائدة؛ بما يَتَوَهَّمُ من ملائم وموافق فيها أو يَتَحَقَّقُ.

فأمَّا محبة النبي والملائكة (٢)؛ فلِمَا وَصَلَ على أيديهم من النفع، وما وجب لهم بذلك من الحق الذي لا يُدانى، وكذلك خلفاؤه (٣)، على قَدْرِ الخالف والخلافة، وقد أنقذ الله برسوله الخلق من النار، فأيّ شيء يوازي هذا من المخلوقات والأفعال؟

وأمَّا محبة الله؛ فزعمت الصوفية (٤) أن أسباب المحبة الخمسة هي موجودة في الله، حتى المناسبة، وهو قَوْلٌ تكاد الدفاتر تتمزَّق منه، وتُفَضُّ الأفواه، وتموت القلوب من الاحتلاط (٥) لسماع (٦) هذا الاختلاط الذي ينفيه العقل والشرع.

النَّسَبُ (٧) والسبَبُ مُحَالَانِ على الله؛ فلا يقال في ذات الباري مناسبة ولا تسبيب، نعم؛ من أفعاله النَّسب والسبب، كسائر الأفعال كلها، والمحبة هي الإرادة أو نَوْعٌ منها، ومن المحال أن تتعلَّق المحبة بذات


(١) في (ص) و (ك) و (ب): المحسن.
(٢) في (ك) و (د) و (ص) و (ب): المَلَك، وضبَّب عليها في (د).
(٣) في (ك) و (ص): خلفاؤهم، وفي (ب): خلفاؤهما.
(٤) هو قول أبي حامد، الإحياء: (ص ١٦٦٤).
(٥) في (ك) و (د): الاختلاط، والاحتلاط: الغضب، تاج العروس: (١٩/ ٢٠٩).
(٦) في (ك): بسماع.
(٧) في (ك) و (ص) و (ب): ومقلوبه، وضرب عليه في (د).