للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباري أو الإرادة، إنما يصح (١) أن يتعلق بذاته العِلْمُ والرؤية والسُّماع، وهي الإدراكات التي لا تؤثر في المُدْرَكِ.

فأمَّا الإرادة والقدرة والمحبة فمُحَالٌ أن يتعلق شيء منها أو من أمثالها بذاته أو صفاته، وقد حلَّاها بَعْضُهم (٢) بأنها مناسبة في الصفات؛ التي هي القدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام، وهذا من أعظم الأوهام، ألم ترَوْا إلى عِلْم ابن عباس فيما رُوي عنه أنه قال: "ليس في الدنيا ممَّا في الجنة إلَّا الأسماء" (٣)، هذا وهي مخلوقة محصورة، ولا مناسبة بينهما، فكيف أن يكون بين العبد وبين ربه مناسبة في القَدْرِ الذي وقعت المشاركة فيه بإذنه في الأسماء؟

لقد أسقط هذا القائلُ (٤) نَفْسَه من الجَوْزَاءِ إلى المَعْزَاءِ (٥)، وأي مناسبة في الأسماء؟ أين السماء من كل شيء أَظَلَّكَ فهو سماء؟ هيهات؛ ما جعل الله هذه الأنمُوذَجَاتِ من الأسماء فِينَا إلَّا لنعرفه بنا ونُفَرِّفَه مِنَّا، الباري عالم، والعبد عالم (٦)، ولكن أين؟ ومن أين؟ وكيف لنا به؟ ما عِلْمُ الأوَّلين والآخرين من عِلْمِ الباري إلَّا كنقطة من بَحْرٍ (٧)، وما يصح من نسبة


(١) في (ب): يصلح.
(٢) ينظر: الإحياء: (ص ١٦٧٠).
(٣) تفسير الطبري: (١/ ٣٩٦ - شاكر).
(٤) هو أبو حامد الطوسي.
(٥) المَعْزَاءُ: المكان الكثير الحصى الصُّلب، تاج العروس: (١٥/ ٣٣٧).
(٦) قوله: "والعبد عالم" سقط من (ك) و (د) و (ص).
(٧) في (ب) و (ك) و (ص) و (د): بحور، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته، وصحَّحها.