للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ﴾ [الأنفال، ٤٠]، وقال: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (١) [الحديد: ٢٣]، وقد يحتمل أن يكون معناه: فإن تَوَلَّوْا (٢) غير الله فاعلموا أنه هو الغني، وكذلك قوله: ﴿وَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ﴾ (٣)، يكون معناه: فإن تولَّوا غيركم فالله مولاكم أنتم (٤)، وإن تولَّوهم فيكونون مثلهم (٥)، كما قال: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾، أي: مَن (٦) افتخر بهم واستنصَر وانخرطَ في سلْكِهم وعَدَّ نفسَه في جملتهم ودَانَ بمحبتهم؛ كان حُكْمُه في الدنيا والآخرة حُكْمَهم.

ومن صِفَةِ الولي عند الصوفية العُزْلَةُ عن الناس، والمجانبةُ للعالَم، وهذا لفساد (٧) الخلق، وإلَّا فإذا كان الناسُ كلهم أولياءَ الله كانت الخُلطة بينهم للتعاون على البر والتقوى أولى، وقد قال النبي : "أَغْبَطُ أوليائي بي مؤمن خفيفُ الحاذِ، ذو حَظٍّ من صلاة وصيام، أحسنَ عبادة ربه، وكان عيشُه كِفَافًا، قَلَّتْ بَوَاكِيه، وقَلَّ تُرَاثُه" (٨).

فلمَّا فسد الزمانُ صار عندهم من أوصاف الولي (٩) "السَّائحُ".


(١) في (د): ﴿هو الغني الحميد﴾.
(٢) في طرة بـ (ص): صوابه: ومن يتولَّ.
(٣) في (د) و (ص) و (ك): فإن تولوا.
(٤) في (ك): أنتم وهم.
(٥) في (ك) و (ب) و (ص): فتكونون مثلهم.
(٦) سقطت من (ك) و (ص) و (ب).
(٧) في (ك): بفساد.
(٨) تقدَّم تخريجه في السِّفْرِ الأوَّل.
(٩) في (ب): الولي عندهم.