للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنَّما المشهورُ عن ابن مسعود وأبي هريرة وابن عباس والحسن وعطاء ومجاهد وأبي عبد الرحمن السُّلَمِي وعُبَيد بن عُمَير؛ أنه الصِّيَامُ (١).

والذي أوجب ذلك منهم نكتة، وهي أن "سَاحَ" في اللغة: سال وجرى إلى غير غاية معروفة، ومنه: ساح الماء؛ وهو سَيَلَانُه على وجه الأرض (٢).

وكان فيمن سبق من الأمم يخرج الرجل بوجهه مُترَهِّبًا، أي: خائفًا متمردًا (٣) على (٤) الخلق، معتزلًا مستسلمًا لله، لا يتزوَّد ولا يدَّخر، مُتَوَكِّلًا حتى يَضْوَى هُزْلًا، فلما جاء الإسلام بنَفْي (٥) هذه الرهبانية وإثبات النكاح والخُلْطَةِ والائتلاف والصُّحبة زالت تلك الحالة، ثمَّ لمَّا (٦) مدح الله السَّائحين مع ما أبطل من هذه الصفة في الأُمَم الماضين ردَّها العلماءُ إلى حالة مشروعة في الإسلام وتُنَاسِبُ تلك الحالة، وهي الصيام؛ لأنها حالة فيها تَرْكُ الطعام والشراب وتقليل الكلام (٧)، وإن اعتكف فتكون (٨) سياحة عالية ظاهرة، فلذلك عبَّروا عن السَّائحين بالصَّائمين.


(١) ينظر: تفسير الطبري: (١٤/ ٥٠٣ - ٥٠٥ - شاكر).
(٢) ينظر: غريب الحديث لابن سلام: (١/ ١٩٩ - ٢٠٠).
(٣) في (ك) و (ب) و (ص): منفردًا.
(٤) في (ك) و (ب) و (ص): عن، وأشار إليها في (د).
(٥) في (د): ونفى.
(٦) سقطت من (ك) و (ب) و (ص).
(٧) ينظر: غريب الحديث لابن سلَّام: (٣/ ٣٣١)، وتفسير الطبري: (١٤/ ٥٠٥ - شاكر).
(٨) في (ك): فيكون.