للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالت الصوفية: "السَّائحون بقلوبهم بالتفكر في آفاق السماء وأقطار الأرض، والاستدلال بتغيرهما (١) على مُنشئهما، والتحقق (٢) بالحكمة التي في آياتهما (٣) " (٤).

وهذا من أشبه أقوالهم وأصحِّها.

وبهذا يَرَوْنَ أن الله أبقى اسم "السَّائح" من حال الأُمَم، وأسقط اسم "الراهب"، فلا رهبانية في الإسلام؛ اسمًا ولا دِينًا، ولكن معناها من الرَّهَبِ والمخافة ما ثبَّته في قلوب المؤمنين، ولا تراهم أبدًا إلَّا وَجِلِينَ؛ أساؤوا أو أحسنوا، على ما تقدَّم في اسم "الرجاء" و"الخوف".

وقد سألتْ عائشةُ رسول الله عن قول الله: " ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [التوبه: ٦١]؛ أهُم الذين يشربون ويزنون؟ قال لها (٥): لا؛ ولكنهم الذين يُصَلُّونَ ويتصدَّقون، ويخافون ألَّا يقبَل منهم" (٦).

وقد بيَّنا هذه الآية في كتاب "الأحكام" (٧) بيانًا بديعًا، ورتَّبنا فيها القول ترتيبًا عجيبًا (٨)، وحقَّقنا أنه لو كان الحديثُ صحيحًا لما خَفِيَ على


(١) في (ص): بتغيرها.
(٢) في (د): التحقيق.
(٣) في (ك) و (ب) و (ص): آياتها.
(٤) لطائف الإشارات: (٢/ ٦٧).
(٥) سقطت من (د).
(٦) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب التفسير عن رسول الله ، باب ومن سورة المؤمنون، رقم: (٣١٧٥ - بشار).
(٧) أحكام القرآن: (٣/ ١٣١٧ - ١٣١٨).
(٨) سقط من (ك) و (ب) و (ص).