للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمقتصد: الذي سار على قَصْدِ السبيل، ولم يضع النعمة في غير موضعها؛ لأن يستعمل ماله أو بدنه أو قلبه أو لسانه في غير طاعة الله.

والسَّابق (١) على قَصْدِ السبيل على قسمين، مسرع ومتباطئ، فالمسرع هو الذي يسبق إلى المحل ويحصل على المراد.

فهذه الثلاثة أصناف ممَّن (٢) اصطفى الله.

والاصطفاءُ هو افتعال من الصَّفاء، وهو إزالة الكدورات، فيزيلها على الإطلاق في الاعتقاد والقول والعمل للأنبياء، فيصفو ظاهرهم وباطنهم، وفي كُلِّهم قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا﴾ [آل عمران: ٣٣]، ﴿اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤]، ﴿وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيَارِ﴾ [ص: ٤٧]، فهذا غاية الصفاء، وأَوَّلُ الصفاء التخليص من كُدورة الكفر بخَلْقِ الإيمان في القلوب، فإن كان هنالك رَيْنٌ (٣) بالغفلة أو كدورة بالمعصية؛ لا يذهب نور الإيمان، ولا تخلَق بُرْدَتُه، ولا يتكدَّر صفاء التوحيد، وإن تكدَّرت جوانبه واخْلَوْلَقَتْ حَوَاشِيهِ.

فأورث الله كتابَه الذي هو القرآن أو سائر الكتب - وإنَّها لفي القرآن - عبادَه المصطفين من العباد، وهم أمة مُحَمَّد ، فلقد اصطفى نبيَّها على الأنبياء، ولقد اصطفاها بحُرْمَتِه على سائر الأمم، حتى خَطَّطها (٤) بالشهادة، وأمضى الحُكْمَ بقولها على سائر الأمم.


(١) في (ك) و (ب) و (ص): السائر.
(٢) في (ك) و (ب) و (ص): من.
(٣) في (ك) و (ب): عين، وفي (ص): غين.
(٤) في (ص): خصَّصها.