للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنهم ظالم لنفسه، وهو العاصي في الأعمال، وعَقْدُه سالم، ولا يصح أن يكون المنافق ولا الجاحد ولا الشاكَّ، قال الله سبحانه: ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١١٠].

فقوله: ﴿مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا﴾؛ يعني: الكفر، ﴿أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ﴾؛ يعني: المعصية، ولا يصح قَوْلُ الناس: إن قوله: ﴿فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ﴾: ابتداء كلام، أَمَا إِنَّه ابتداءُ كلام في العربية، ولكنه مرتبط بما قبله، والضمير في قوله: ﴿فَمِنْهُمْ﴾ راجع إلى ما (١) تقدَّم ضرورة، وهو قوله: ﴿الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا﴾، وفيهم وقع التقسيم، ومن لم يَفْهَمْ هذا فليس من أهل العلم ولا التعليم، وفي هذه الآية بدائعُ كنَّا ذكرناها في "الأنوار"، منها:

[الأولى]: أن الميراث يكون بوجهين؛ بسَبَبٍ ونَسَبٍ، ولا نَسَبَ هاهنا، فلم يبق إلَّا السَّبب، وهو الإيمان (٢).

قال أهلُ الزهد: "والميراث يُستحَق بوجهين؛ بالفرض والتعصيب، ويُبدأ بذوي الفروض لأنهم أضعف سببًا، كذلك بُدئ هاهنا بالظالم لنفسه، وقُدِّم على السَّابق وهو دونه، والتقدُّم في الذِّكْرِ لا يقتضي التقدُّم (٣) في الرتبة، ولذلك نظائر كثيرة" (٤).


(١) في (ك) و (ب) و (ص): من.
(٢) لطائف الإشارات: (٣/ ٢٠٤).
(٣) في (ك) و (ص): التقديم.
(٤) لطائف الإشارات: (٣/ ٢٠٤).