للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكأنه رأى أن الفرض لا بد له منه، وإنَّما هرب من نَفْلِ الذِّكْرِ لِمَا كان يَعْلَمُ من نفسه من التقصير في الغفلة أو في المخالفة.

وغلا آخرون في الطَّرَفِ الآخر، فقيل له: اذكر الله، فقال:

الله يعلم أني لست أذكره … وكيف يذكره من ليس ينساهُ (١)

واعتذر الآخَرُ فقال:

ما إن ذكرتُك - إِلَاهُمَّ - يلعنني … قلبي وسِرِّي وروحي (٢) عند ذكراكَا

حتى كأنَّ رقيبًا منك يهتف بي … إيَّاك - وَيْحَك - والتَّذْكار إيَّاكَا (٣)

وقال بعضُهم:

عجبتُ بأن يقول: ذكرتُ ربي … وهل أنسى فأذكر ما نسيتُ

أموت إذا ذكرتك ثم أحيى … ولولا حُسن ظني ما حييتُ

فأحيى بالمُنى وأموت شوقًا … فكم أحيى عليك وكم أموتُ

شربت الحُبَّ كأسًا بعد كأس … فما نَفِدَ الشرابُ ولا رَوِيتُ

فليت خيالكم نَصْبٌ لعيني … فإن أبصرتُ غيركم عَمِيتُ (٤)

ولو كان لمُلْكِ الدنيا رَسْمُ الجلالة على الإطلاق ما خَطَّطَ الله به الكافر، ولا سمَّى به المشرك الجاحد، وقال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ﴾ [البقرة: ٢٥٧]، إلَّا أنه قد قال قَوْمٌ: "إنَّ


(١) مرَّ تخريجه في السِّفْرِ الثاني.
(٢) في (ب): جوارحي ولساني، وفي (د): جوارحي وفؤادي.
(٣) مرَّ تخريجه في السِّفْرِ الثاني.
(٤) من الوافر، وهي في البداية والنهاية: (١٥/ ١٨٠ - التركي)، وبعضها في الرسالة القشيرية: (ص ١٠٨).