للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُرفع، وسمع في أثناء ذلك من يقول: هات يدك، قال: فأعطيته يدي، فأقلعني (١) في مرة واحدة إلى فَم البئر، فخرجتُ ولم أر أحدًا، ثم سمعتُ هاتفًا يقول: كيف (٢) رأيت ثمرة التوكل؟ " (٣)، وأنشد:

نهاني حيائي منك أن أكتم الهوى … وأغنيتني بالعلم منك عن الكَشْفِ

تَلَطَّفْتَ في أمري فأبديتَ شاهدي … إلى غائبي واللُّطْفُ يُدرك باللُّطْفِ

تَرَاأَيْتَ لي بالعلم حتى كأنَّما … تُخَبِّرُني بالغيب أَنَّك في كَفِّ

أراني وبي من هيبتي (٤) لك وحشة … فتؤنسني باللطف منك وبالعَطْفِ

وتُحْيِي مُحِبًّا أنت في الحبِّ حتفُه … وذا عَجَبٍ كَوْنُ الحياة مع الحَتْفِ (٥)

فهذا رجلٌ عاهد الله؛ فوجد الوفاء على التمام والكمال فيه، فاقتدُوا - إن شاء الله - تهتدُوا.

وكما أن المَلِكَ لا يقدر على التصرف في جميع الأمور إلَّا بنائب، وعليه أن يختار من ينوب عنه، فعلى العبد ألَّا يستخدم بجارحة إلَّا أن تكون صالحة للنيابة، فإن لم تعن صالحة فلا يَسْتَنِبْها في خدمة.

وقد غلا بعضُ الصوفية في ذلك، حتى قيل له - حين أطال الصمت -: "اذكر الله، فقال: ومثلي يذكره؛ ولم أغسل فمي بألف توبة متقبلة" (٦).


(١) في (ب): فاقتلعني.
(٢) سقط من (د).
(٣) رسالة القشيري: (ص ٢٥٣).
(٤) في (ص): همتي.
(٥) من الطويل، وهي لأبي حمزة الخراساني، في الرسالة القشيرية: (ص ٢٠٣)، والحلية: (١٠/ ٧٨).
(٦) رسالة القُشَيري: (ص ٢٥٦).