للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الأستاذ أبو علي الدقَّاق - شَيخُ الفقراء -: "انظروا (١) إلى قوله سبحانه مُخْبِرًا عن يعقوب: ﴿وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ﴾، ولم يقل: "عَمِيَ"؛ لأنَّه لم يكن في الحقيقة عَمًى (٢)، وإنَّما كان حجابًا عن رؤية غير يوسف، رِفْقًا من الله سبحانه، حتى لا يحتاج إلى أن يرى غيره؛ لأنه لا شيء أشد على الأحباب من رؤية غير المحبوب في حال فراقه" (٣).

وقل قال الحكيمُ:

لمَّا تَحَقَّقتُ أني لا أشاهدكم … غَمَّضْتُ عيني فلم أنظر إلى أَحَدِ (٤)

وقد كان يعقوب يَتَسَلَّى برؤية ابنه (٥) بِنْيَامِين (٦) في حال غيبته، فلمَّا زال عن رؤيته قال: ﴿يَاأَسَفَى عَلَى يُوسُفَ﴾؛ لأنه لمَّا مُنِعَ من النظر إلى يوسف كان يتسلَّى بالأثر، وهو أخوه، فلمَّا زال عنه آخِرًا الأثرُ كما زال أوَّلًا النظرُ تأسَّف على النظر الأوَّل (٧)، وفي ذلك كله (٨) كلامٌ بديعٌ مذكورٌ في موضعه.


(١) في (ك): انظر.
(٢) في (ص): عَمِي.
(٣) لطاف الإشارات: (٢/ ٢٠٠).
(٤) من البسيط، وهو للشِّبْلِي، مع بيت آخر قبله، وهو:
الناس في العيد قد سروا وقد فرحوا … وما سررت به والواحدِ الصمدِ
وهو في: لطائف الإشارات: (٢/ ٢٠٠)، وتاريخ دمشق في ترجمته: (٦٦/ ٧٥)، والتبصرة لابن الجوزي: (٢/ ١١٠).
(٥) سقط من (ص) و (ب) و (ك).
(٦) في (ص) و (ب) و (ك): ابن يامين.
(٧) لطائف الإشارات: (٢/ ٢٠٠).
(٨) سقط من (ك).