للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ضربًا غير مبرح" (١)، وذكر الحديث، وقال: "قد تركتُ فيكم ما لن تضلوا ما اعتصمتم به، كتاب الله" (٢).

وفي حديث عمرو بن الأحوص الصحيح: أنه شهد مع النبي حجة الوداع، فحمد الله وأثنى عليه، وذكَّر ووعظ، وذَكَرَ قصة فقال: "ألا واستوصوا بالنساء خيرًا، فإنَّهنَّ عندكم عَوَانٌ، ليس تملكون منهن شيئًا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربًا غير مبرح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا، أَلَا إنَّ لكم على نسائكم حقًّا، ولنسائكم عليكم حقًّا، فأمَّا حقكم على نسائكم؛ فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذنَّ في بيوتكم لمن تكرهون، أَلَا وحَقُّهُنَّ عليكم أن تُحْسِنُوا إليهن؛ في كِسْوَتِهنَّ وطعامهنَّ" (٣).

فأخبر أنهنَّ عندنا عَوَانٌ، بأمانٍ دائر بين حقين اثنين؛ حق لهنَّ، وحق عليهنَّ، مُبَيَّنَيْنِ لا ثالث لهما، وقد بيَّنَّا ذلك في "شرح الحديث" والكلام عليه.

ومن الأمانة عندك عِرْضُ أخيك المُسْلِم؛ فلا تغتبه إذا عَرَفْتَ له معصية، وقد ضرب الله مَثَلًا للمغتاب أَكْلَ لَحْم الميت، تشبيهًا للغائب بالميت، وللأذاية باللسان بالإذاية بالمِقْرَاضِ، ومن الأمثال السائرة:

وجُرْحُ اللسان كجُرْحِ اليَدِ (٤)


(١) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب الحج، باب حجة النبي ، رقم: (١٢١٨ - عبد الباقى).
(٢) هو حديث جابر السَّابق.
(٣) أخرجه الترمذي في جامعه: أبواب الرضاع عن رسول الله ، باب ما جاء في حق المرأة على زوجها، رقم: (١١٦٣ - بشار).
(٤) عجز بيت لامرئ القيس، وصدره: ولو عن نثا غيره جاءني
وهو من المتقارب، في ديوانه: (ص ١٨٥).