للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضًا فإنَّ التجاوز في أن يكتب له: "فقيهًا"، ويتأوَّل فيه فَهْمَ مسألة واحدة أخفُّ عليه من أن يكتب إليه (١): "يا سيِّدي"، ولم يَسُدْه بصفة من الصفات.

وأيضًا فإن اسم "السَّيِّدِ" يَنْطَلِقُ على الله، واسم "الفقيه" لا ينطلق عليه، فكيف يَحْرِمُه اسمًا يشاركه فيه المخلوقون، ويُطلق عليه اسمًا يُسَمَّى بمثله الخالق؟

وهذا إنَّما أَوْجَبَهُ عليه أنه تَفَقَّه بنفسه، وعَوَّلَ على فهمه، ولم يَحُكَّ رُكْبَتَيْه برُكْبَةِ (٢) طالب، فَضْلًا عن عالم.

وليته إذ تجوَّز فيه يكتب: "إلى فلان بن فلان سَيِّدِ قَوْمِه"، كما كتب النبي إلى هرقل عظيم الروم (٣)، أي: تُعَظِّمُه الروم، وتعظيم الروم له باطل، ولكنه موجود حقيقة، فلذلك وَصَفَه النبي به.

وقد روى بُرَيدة عن النبي : "لا تقولوا للمنافق سيد؛ فإنه إن يَكُ سَيِّدَكم أسخطتم ربكم" (٤)، فكيف يكتب هذا إلى الظلمة وأهل الشقاق: سيِّد؟

ولو قال أَحَدٌ: "سيد"؛ لمن يستحق ذلك ولم يكن منه عن خُلُوصِ نِيَّةٍ؛ فإن ذلك مكروه منه.


(١) في (ك) و (ص) و (ب): له، وأشار إليه في (د).
(٢) في (ك) و (د) و (ب): يحك ركبتيه طالبٌ.
(٣) سبق تخريجه.
(٤) أخرجه النسائي في السنن: كتاب عمل اليوم والليلة، ذكر اختلاف الأخبار في قول القائل: سيدنا وسيدي، رقم: (١٠٠٠٣ - شعيب).