للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن أخيه الحُرُّ بن قيس: يا أمير المؤمنين، إن الله يقول: ﴿خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ﴾، قال: فما تجاوزها عمر، وكان وَقَّافًا عند كتاب الله".

وليس يمتنع أن يكون (١) معاني العَفْوِ من الإِسْقَاطِ والعطاء مرادة بالآية، على ما بيَّنَّاه في "أصول الفقه"، ويكون الله قد أمره بأن يُسْقِطَ حقَّه، ويُعطي فَضْلَه.

وأمَّا قوله: ﴿وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾؛ فيعني به: المعروف (٢)، أَمَرَه أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر.

وأمَّا إِعْرَاضُه عن الجاهلين فقد بيَّنَّا أن بعضه منسوخ، وهو في حق الكفار، وبَعْضُه مُحْكَمٌ في حق المؤمنين (٣).

وأمَّا قوله: ﴿الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾؛ فهم الذين إذا فَارَ غَيْظُهم رَدُّوه عن سبيله وحبسوه، وقطعوه عن اتصاله.

﴿وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾؛ قد بيَّنَّا أن الإحسان مع الله أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، والإحسانُ مع الناس أن تدع حقَّك كلَّه، كم كان مع من كان.

وأمَّا قوله: ﴿وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾؛ يؤكد (٤) هذا لأنه جعله من العَزْم، وهو جَزْمُ الإرادة على (٥) ثبات القلب في مخالفة الشهوة والهوى، والعمل بمقتضى العقل والمروءة.


(١) في (ب): تكون.
(٢) تنظر: المسالك: (٦/ ٢٦).
(٣) ينظر: الناسخ والمنسوخ: (٢/ ٢٢١).
(٤) في (ك): تؤكد.
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): عن.