للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد قال الله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: ٣٥].

وقال: ﴿وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا﴾ [طه: ١١٥].

قيل: معناه: لم نجد له عزمًا على امتثال الأمر (١).

وقيل: لم نجد له عزمًا على ترك المخالفة (٢)، يُحَقِّقُه قوله: ﴿فَنَسِيَ﴾، فأخبر الله تعالى (٣) أن ذلك إنما واقعه نسيانًا (٤)، ولم يجد له على تَرْكِ المخالفة عزمًا ولا تعمدًا (٥)، ولم يكن النسيان في تلك الشريعة مرفوعًا عن الخلق، وإنَّما هو أَمْرٌ خُصَّتْ به هذه الأمة، وقد بيَّنَّا شَرْحَ الآية في "كتاب المشكلين" بما فيه كفاية.

وقوله: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: ٤٠]؛ كلمة لا يوازنها شيء، لأنَّ الذي للعبد عند الله ومن الله وبالله خَيْرٌ له ممَّا يأخذه لنفسه بإرادته ويفعله باختياره.

العاشر: إن الانتصار جائز؛ لأنَّ الله عَلِمَ من عباده أن منهم من لا يملك نفسه، ولا يبلغ حَزْمُه إلى هذه الخصلة، فأَذِنَ له في النِّقْمَةِ، ورخَّص له في المكافأة، على سبيل العدل والقِسْطِ.


(١) ينظر: لطائف الإشارات: (٢/ ٤٨١).
(٢) لطائف الإشارات: (٢/ ٤٨١).
(٣) بعده في (د) علامة اللَّحَقِ، وفيه: أنه .. ذلك نسيانه.
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): أنه إنما واقع ذلك نسيانًا.
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): ولم نجد له عزمًا على ترك المخالفة ولا تعمدًا.