للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: "إنَّ ثَقِيفًا طلبت منه أن يؤخرهم بالإسلام سنة، حتى يجمعوا ما كانت العادة أن يقبضوه لآلهتهم، فهَمَّ النبي بذلك، فمنعه الله" (١).

وهذا كله باطل، وبعضُه أشدُّ من بعض.

أمَّا قولهم: إنه هَمَّ بلَمْسِ الآلهة؛ فما كان هذا قطٌّ، ولا يجوز أن يكون؛ لا عادة ولا ديانة، أمَّا من (٢) طريق العادة فقد عَلِمَتْ قريش والخلق أنه ما ألمَّ بها قطُّ قبل أن يُبْعَثَ ولا نَظَرَ إلى جهتها، فكيف يلمسها بعد النبوة؟

الثاني: أن لَمْسَ الأصنام كُفْرٌ، فكيف يخفى على النبي أنه كفر؟ أم كيف يسامح فيه؟

ولا يجوز أن يُمْهِلَ حتى يجمعوا مال الأصنام، فإنَّ الأوَّل كُفْرٌ، والثاني معصيةٌ، وكلاهما لا يجوز على النبي.

وقد نفى الله عنه أن يَهُمَّ أو يُقَارِبَ، وبيَّن براءته في القرآن نَصًّا، حيثُ قال: "إنهم قاربوا (٣) أن يفتنوك"، يعني: بسؤالهم وطلبهم، وثبَّتَهُ الله عن أن يقاربهم، ونفى عنه مقاربتهم بقوله: ﴿لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ﴾، فمنع الله نبيَّه بتثبيته أن يقاربهم، فإنَّ كلمة "لولا" تدل على امتناع الشيء لوجوب (٤) غيره، والذي وجب التثبيت، والذي امتنع مقاربة الركون، فأين (٥) هذا عن هؤلاء (٦) الذين لا يعقلون؟ ويتسلَّطون على كتاب الله وهم لا يعلمون، ويبسطون ألسنتهم في الرُّسُلِ بما لا يجوز وهم لا يشعرون.


(١) تفسير الطبري: (١٥/ ١٥ التركي).
(٢) سقطت من (ك).
(٣) في (د): قارنوا.
(٤) في (ص): لوجود.
(٥) بعده في (ك) و (ب) و (ص): عن، وضرب عليه في (د).
(٦) قوله: "عن هؤلاء" سقط من (ك) و (ص) و (ب).