للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فقد قال الله: ﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ﴾، معناه: مُكَذِّبُونَ.

قلنا: هذه الآية ممَّا لم يَفْهَمِ المفسرون، قد (١) قال بعضهم فيه: "إنه النفاق" (٢)، وإنما هرب إليه لأنه رأى أن الكافر المعاند لم يُلَايِنْ، فلم يتمكَّن له أن يجعله فيه، فلجأ إلى المنافق الذي لَانَ ظاهرًا وخَشُنَ باطنًا، ولكنه أخطأ؛ فإنَّ المُخاطَب بهذه الآية أوَّلًا الكفار، لأن سورة "الواقعة" كلها مَكِّيَّةٌ بإجماع، فتفسيرُ من فسَّره بالكذب (٣) مطلقًا أَخْلَصُ (٤).

وأدخلهم - أيضًا - في هذا الباب حَرْفُ الباء، وهو يليق بكذب، يقال: كذَّب فلان بكذا، فلما رَأَوُا الحديث (٥) وحَرْفَ الباء ركَّبوا أحدهما على الآخر، فإن كانوا طلبوا منه كفرًا صحَّ أن يقال فيه: لو تكفر (٦)، وإن كانوا طلبوا منه معصية؛ قيل: معناه: لو (٧) تَعْصي.

فأمَّا أن يقتحم على تفسير الإِدْهَانِ بأنه الكفر أو الكذب دون حَبَرٍ يَرِدُ بذلك فهذا هو القول في كتاب الله بالتَّشَهِّي.


(١) في (ك): وقد.
(٢) الهداية: (١١/ ٧٢٩٤)، وهو قول الضحَّاك.
(٣) في (د): التكذيب.
(٤) تفسير الطبري: (٢٢/ ٣٦٨ - التركي).
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): الحال، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته.
(٦) في (ك): تكفرون.
(٧) في (ك) و (ص) و (ب): أن.