للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا قوله: ﴿كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ﴾؛ فهي آية مُحْكَمَةٌ، قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (٧٨) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [المائده: ٨٠ - ٨١]، فأخبر تعالى بأن اللعنة قد حقَّت عليهم بإتيانهم المناكير فيمن (١) أتاها، وبتَرْكِ النكير فيمن (٢) كان يأباها، وبيَّن أن الرضى (٣) بالمخالفة موافقة (٤) للمخالف، مخالفة لمن وقع له (٥) الخلاف من مرتكبه، فلم تَبْقَ موافقة بعد ذلك بين الراضي وبين من خُولفَ بعد تمييز (٦) الخلاف.

وقال: ﴿تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [المائدة: ٨٠]، ولا تَتِمُّ الصحبة إلَّا بمعاداة عدو الصَّاحب، ومن حكمة الجُهَّالِ قولهم: "إن الرجل من يكون صديق عَدُوَّيْنِ"، وكذبوا الحكمة - قولك -: "إن الرجل الذي لا يتولَّى عَدُوَّ صاحبه"، ألا ترى إلى تأكيد ذلك بقوله: ﴿وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ [المائدة: ٨١]، فبيَّن أنهم لو كانوا أولياءَ له ما وَالَوا من عاداه (٧).


(١) في (ك) و (ص) و (ب): ممَّن.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): ممن.
(٣) في (ك) و (ص) و (ب): الراضي، وضعَّفها في (د)، والمثبت من طرته.
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): موافق، ومرَّضها في (د)، والمثبت من طرته.
(٥) سقط من (ك).
(٦) في (ك) و (ب): تميز.
(٧) ينظر: لطائف الإشارات: (١/ ٤٤٢).