للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخَيْرُهما الذي يبدأ بالسَّلام" (١)، إلَّا إذا رأيته على مُنْكَرٍ، فلا يَحِلُّ لك مخالطته، إلَّا أن يكون مُتَأَوِّلًا؛ كالحَنَفِيِّ يشرب النَّبِيذَ، إلا أن يتأوَّل تأويلًا باطلًا، فلا تحل لك صحبته، مثل أن يتزوج امرأة مُفَوِّضَةً، بلا ولي، ولا شهود، ولا إعلان، ويقول: سَكَت عن الصداق على سنة التفويض، وعن الولي على مذهب (٢) من لا يراه، وعن الشهود على قَوْلِ من لا (٣) يجعله شَرْطًا في صحة النكاح، وعن الإعلان على رأي من لم يعتبره، فهذا فَاجِرٌ محدود بالرَّجْمِ أو الجَلْدِ؛ على حسب صفته من بَكَارَةٍ أو إِحْصَانٍ.

وقد أَمَرَ النبيُّ بهِجْرَانِ من عصى فتخلَّف عنه، وتَرَكَ المسلمون كَلَامَ كَعْب وصَاحِبَيْه خمسين ليلةً (٤).

وقد هَجَرَتْ عائشةُ عبد الله بن الزبير حين بلغه أن عائشة باعت أو أعطت، فرآه كثيرًا، فقال: "لأَحْجُرَنَّ عليها، قالت: هو لله (٥) عليَّ نَذْرٌ أن لا أُكَلِّمَ ابن الزبير أبدًا، فاستشفع إليها حتى راجعته، وأعتقت أربعين رقبةً في نذرها، وكانت تبكي وتخاف ألَّا تفي به" (٦).


(١) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي أيوب الأنصاري : كتاب الأدب، باب الهجرة، رقم: (٦٠٧٧ - طوق).
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): رأي، وضعَّفه في (د)، والمثبت من طرته.
(٣) في (ك): لم، وسقط من (ص).
(٤) ذكره البخاري في صحيحه عن كعب معَلَّقًا: كتاب الأدب، باب ما يجوز من الهجران لمن عصى.
(٥) في (د): الله.
(٦) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأدب، باب الهجرة، رقم: (٦٠٧٣ - طوق).