للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يكون بين المُحِبِّينَ نَوْعٌ من الترك لا يُبَلَغُّ إليها (١)، قال رسول الله لعائشة: "إني لأعرف غضبك ورضاك، قالت: قلت: وكيف تعرف ذلك يا رسول الله (٢)؟ قال: إذا كنتِ راضية قلت: لا، وربِّ محمد، وإذا كنتِ غَضْبَى قلت: لا، وربِّ إبراهيم، قالت: أجل يا رسول الله، والله ما أهجر إلَّا اسمك" (٣).

ولمَّا طلبتْ فاطمةُ ميراثَها من أبي بكر قال لها: "قد قال رسول الله: لا نُورَثُ" (٤)، وجرى الكلام، ورجعتْ فاطمةُ إلى بيتها فلم تُكَلِّمْه، ولا بايعه عَلِي حتى تُوُفِّيَتْ، والثلاثةُ مع رسول الله إخوانٌ على سُرُرٍ متقابلين.

وهذا الذي جرى بينهما لا تُدْرِكُهُ حسناتُنا، فكيف أن يَعُدَّه جاهل من سيئاتهم؛ ومن يكون المخذول الذي يتربَّع بين هؤلاء الثلاثة فيتكلَّم؟ حاشا لله وللمجد وللدِّين أن يكون في ذلك لأحد جَدٌّ (٥)، بل الجَلْدُ والحَدُّ (٦).

وروى الترمذي أن ابن عمر جاءه رجل فقال: "إن فلانًا يقرئك السَّلام، فقال: إنه بلغني أنه قد أَحْدَثَ، فلا تقرئه مِنِّي السَّلام، فإنِّي


(١) أي: الهجران.
(٢) في (ك) و (ص): وكيف يا رسول الله؟
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأدب، باب ما يجوز من الهجران لمن عصى، رقم: (٦٠٧٨ - طوق).
(٤) أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب المغازى، باب غزوة خيبر، رقم: (٤٢٤٠ - طوق)، وفيه: "فوجدتْ فاطمةُ على أبي بكر فهجرته؛ فلم تُكِلِّمْهُ حتى تُوُفِّيَت".
(٥) في (ص): حد.
(٦) في (ص): جد.