للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموضوعة للقضاء بها، وابتناء الحكم عليها، ولذلك قال تعالى: ﴿إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: ١٢]، وبعضُه أَجْرٌ، وبعضُه فَرْضٌ، وبعضُه مندوبٌ إليه؛ بحسب الأدلة المتعلقة به.

الخامس (١) عشر: أن تلقاه (٢) بوَجْهٍ طَلْقٍ، وهو أقل الدرجات في إحسان الأُخوَّة، وهو عنوان ما وراءه من الخير والبركة، وهو أَحَدُ التأويلات في مدح الشَّاعر الجاهلي في الجاهلية بقوله:

ثيابُ بني عَوْفٍ (٣) طَهَارَى نَقِيَّةٌ … وأَوْجُهُهُمْ عند المشاهد غُرَّانُ (٤)

يريد: أنهم بِيضُ الوجوه من البشاشة، ليست مُكْفَهِرَّة من الحقد والبغضاء.

وقوله: "ثيابُهم طَهارى"؛ يريد: لا عيب فيهم، وهو تأويل قوله: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: ٤]، وقد غَلِطَ قَوْمٌ فيه فقالوا: "إن معناه (٥) طهارة النجاسة التي شُرِعَتْ للصَّلاة" (٦)، وهذا جهل بالحقيقة، وإسقاط للفائدة، وذلك أن هذه أوَّل كلمة سمعها النبي من وَحْي ربه، أو ثانيتها، ولم يكن بَعْدُ أُمِرَ بطاعة، ولا ذُكِرَتْ له عبادة، فكيف يُذْكَرُ له شَرْطٌ من أقل شروطها، وإنما أُمِرَ في هذه الآية بأربعة أوامر؛ أصول فصول:


(١) في (ك) و (ص): الرابع، وضبَّب عليها في (د).
(٢) في (ك) و (ب): يلقاه.
(٣) في طرة بـ (ك): في خـ: عَقْرٍ.
(٤) من الطويل، وهو لامرئ القيس، ديوانه: (ص ١٤٦).
(٥) في (د): معنى.
(٦) تفسير الطبري: (٢٣/ ٤٠٩ - التركي).