للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأوجبُ ما هو الرفق على الولاة؛ فإنه واجب عليهم في أنفسهم، واجب عليهم أن يفتقدوه من غيرهم.

"كان عمر بن الخطاب يذهب إلى العوالي كلَّ سَبْتٍ، فإذا وجد عَبْدًا في عمل لا يطيقه وَضَعَ عنه" (١).

ولقد تعدَّى رِفْقُه إلى البهائم، ولها حق، فيُرْوَى (٢): "أنه اشتهى سَمَكًا، فركب يَرْفَا (٣) ناقةً إلى الجار، واصَّاد منها أربعة، وجاء بها عُمَرَ، فلما رأى عمر الراحلة التي ركب عليها قال: والله لا يذوقها عمر وقد (٤) عُذِّبَتْ بهيمة من البهائم في شهوته" (٥).

قال الإمام الحافظ (٦): وهذا إنَّما أراد به عمر أن يكسر شهوة (٧) القاسين على الحيوانات من الآدميِّين والبهائم، القاصين عن سبيل الرفق، والَّا فالفَرَسُ يتعب في الصيد أكثر من تَعَبِ الراحلة، والدواب يَسُوقُ (٨) الطعام من قُوتٍ وإِدَامٍ ومُشْتَهى، وكل ذلك مأذونٌ فيه.


(١) أخرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغًا: كتاب الجامع، الأمر بالرفق بالمملوك، (٢/ ٣٤٥)، رقم: (٢٧٦١ - المجلس العلمي الأعلى).
(٢) في (ص) و (ب): فروي.
(٣) يرفَا: مولى عمر بن الخطاب ، وقد يهمز، فتح الباري: (٦/ ٢٠٥).
(٤) قوله: "وقد" سقط من (ك) و (ص) و (ب).
(٥) تاريخ دمشق: (٤٤/ ٣٠١).
(٦) في (ك) و (ب): قال الإمام الحافظ ، وفي (ص): قال الإمام الحافظ أبو بكر محمد بن عبد اللهب بن العربي .
(٧) في (ك) و (ص) و (ب): شهوة، وضبَّب عليها في (د)، والمثبت من طرته.
(٨) في (ك): تسوق.