للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويحتمل أن يكون عمر رأى أن تلك نعمة؛ أن يُسِّرَ له عبد وبهيمةٌ جاءته بشهوته، ورأى من شُكْرِها تَرْكَها، أو خشي ألَّا يقوم بشُكْرها، أو رأى أن ذلك يُعَيِّنُ عليه فرضًا من الشكر لم يكن توجَّه عليه فترَكَها (١).

وممَّا أَذِنَ الله فيه الجَدُّ في السَّيْرِ بالركاب مع اعتماد (٢) الرفق، فقد مشى عقبة بن عامر (٣) من الكوفة إلى المدينة من يوم الجمعة إلى يوم الجمعة (٤)، وهي نَحْوٌ من عشرين مرحلة، وأقرَّه عمر على ذلك ولم يَرُعْه بقوْل ولا وَزَعَه؛ على عادته في سماع ما يكره وما (٥) لا يراه حقًّا (٦).

وقد عدَّ جماعة من العلماء الرفق بالمال وتَرْكَ الخُرُقِ فيه من باب المأمور به، وقد بيَّنَّاه في تأويل قوله: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا﴾ (٧) [الفرقان: ٦٧].

وقال النبي كما تقدَّم -: "بَيْنَا أيُّوب يغتسل يومًا إذ خَرَّ عليه لم رِجْلٌ من جراد من ذهب، فجعل يَحْثِي في ثوبه، فقال الله (٨) له: ألم أكن أغنيتك عمَّا ترى؟ فقال: بلى يا رب، ولكن لا غِنَى بي عن بَرَكَتِك" (٩).


(١) في (ك) و (ص) و (ب): فتركه.
(٢) في (ك) و (ص): اعتقاد.
(٣) قوله: "ابن عامر" سقط من (ك) و (ص) و (ب).
(٤) تاريخ دمشق: (٤٠/ ٤٨٧).
(٥) في (ك) و (ص) و (ب): أو ما.
(٦) سقط من (د).
(٧) في السِّفْرِ الثاني من السراج، عند اسم "العابد".
(٨) لم يرد في (د).
(٩) تقدَّم تخريجه في السِّفْرِ الأول.