للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معناه: إذا ولدتُ رجلًا لا أبالي؛ كان أحمق أو كَيِّسًا.

وقد ظهر أن الكَيْسَ هو العقل، وإنَّما سُمِّيَ الجماعُ به لأنه يُطلب به الأولادُ الأكياسُ، فسُمِّيَ باسم ما يؤول إليه، على ما بيَّنَّاه في أَحَدِ قِسْمَي المجاز.

ومن الكلام الصحيح: "كل شيء بقضاء وقَدَرٍ، حتى العجز والكيس" (١).

معناه: أن الرجل لا يتفطَّن للخير فيفعله أو يتركه إلَّا بقضاء وقَدَرٍ مكتوب ذلك عليه فيه، مُرَادٍ من الله ما نفذ منه (٢)؛ من فِعْلٍ أو تَرْكٍ، رَدًّا على المبتدعة؛ الذين يقولون: "إن الباري قد أراد الخير، والعبد قد تركه بإرادته، فكان ما أراد العبد، ولم يكن ما أراد الله" (٣)، تعالى عن قولهم.

فإذا عرفتم معنى الكَيْسِ عَرَبِيَّةً، ورَأَيْتُم ما رَوَيْتُم من قوله: "إن الكَيِّسَ من دان نفسه" (٤)، أي: مَلَكَها وخار لها (٥)، فلم يُصَرِّفْهَا إلا في طاعة مولاها، وقهرها عمَّا يضرها، وإذا فعل ذلك كان قد وفَّى العقل حقَّه، واستظهر لنفسه، واستحق الاسم، وإن عَدَلَ عن ذلك كان أحمقَ وعاجزًا، على الروايتين جميعًا.


(١) أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن عمر مرفوعًا: كتاب القدر، باب كل شيء بقدر، رقم: (٢٦٥٥ - عبد الباقي).
(٢) في (د): فيه.
(٣) ينظر: المتوسط في الاعتقاد - بتحقيقنا -: (ص ١٩٩ - ٢٠٠)
(٤) سبق تخريجه.
(٥) في (د): حار بها.