للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنَّا سنأتي البيت فنَطُوفُ به؟ قال: بلى، قال: فأَخْبَرْتُكَ أنَّا نأتيه العام؟ قلتُ: لا، قال: فإنَّك آتِيهِ فمُطَوِّفٌ به، قال: فأَتَيْتُ أبا بكر فقلتُ له مِثْلَ ما قلتُ للنبي سواء (١)، وقال لي مثل ما قال النبي (٢) سواء، قال عمر: فعملتُ لذلك أعمالًا" (٣)، يعني: صَلَّيْتُ وصمتُ وتصدَّقتُ؛ لما وقع في نفسه ممَّا أخبر عنه، وتَثَبَّتَ أبو بكر فيه تَثَبُّتَ النبي، حتى اتَّفق قوله معه فيه.

وذلك إنَّما يكون عن كثرة المعرفة، ونفاذ القريحة، واتِّقاد البصيرة، ومضاء العزيمة، وصِدْقِ الفراسة، وصحة الرأي، وثبوت الجأش، وشرح الصدر، وصفاء الإيمان، وسلامة القلب.

الموطن الثاني: مات رسول الله، ولم يُصَبِ المسلمون بأعظم من تلك المصيبة؛ فيها انقطعت الآمال، ومنها كان ابتداء تغير الأحوال، واضطربت الأمور، وتباين حال الجمهور، فأُخْرِسَ عثمان، واستخفى عليٌّ، وأَهْجَرَ عمر؛ وقال: "ما مات رسول الله، وإنما واعده الله كما واعد موسى، وليرجعنَّ رسول الله فليقطعنَّ أيدي أناس وأرجلهم، وكان أبو بكر غائبًا في ماله بالسُّنْحِ (٤)، فجاء فدخل على النبي وهو مُسَجًّى، فكشف


(١) سقط من (ك).
(٢) قوله: "وقال لي مثل ما قال النبي" سقط من (ب)، وفي (ص): فرد عليه أبو بكر كما رد عليه النبي سواء.
(٣) تقدَّم تخريجه.
(٤) السُّنْحُ: موضع قرب مدينة رسول الله ، فيه منازل بني الحارث بن الخزرج من الأنصار، وكان به مسكن أبي بكر الصديق، وكانت له فيه زوجة من بني الحارث، وهي حبيبة أو مُلَيكة بنت خارجة، وكان عندها يوم وفاة النبي ، ينظر: تاج العروس: (٦/ ٤٨٧).