للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثوب عن وجهه وقبَّله، وقال: بأبي أنت وأمِّي، طِبْتَ حيًّا ومَيِّتًا، والله لا يجمع الله عليك الموتتين أبدًا، أمَّا الموتة الأولى التي كُتِبَتْ عليك فقد نِلْتَها، وخرج فجاء إلى (١) المسجد والناس فيه، فصعد المنبر وخطب، فقال: أمَّا بعد؛ أيها الناس، فمن كان يعبد مُحَمَّدًا فإن مُحَمَّدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم قرأ: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (١٤٤)[آل عمران: ١٤٤]، فخرج الناسُ يتلونها في سِكَكِ المدينة؛ كأنها لم تَنْزِلْ الَّا ذلك اليوم" (٢).

الموطن الثالث: اختلف الناس في دَفْنِه، فقال أبو بكر: "سمعته يقول: ما دُفِنَ نبيٌّ قطُّ إلَّا في الموضع الذي يموتُ فيه" (٣).

وروى الترمذي أنه قال: "سمعتُ من رسول الله شيئًا ما نسيته: ما قَبَضَ الله نَبِيًّا إلَّا في الموضع الذي يُحِبُّ أن يُدْفَنَ فيه" (٤).

الموطن الرابع: لمَّا مات رسول الله أَرْسَلَتْ فاطمةُ ابنته وأزواجه إليه يطلبن ميراثهن فيه، فقال لهن أبو بكر: قال رسول الله: "لا نورث، ما


(١) لم يرد في (د).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة : كتاب فضائل أصحاب النبي ، بابٌ، رقم: (٣٦٦٧ - طوق).
(٣) أخرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغًا: كتاب الجنائز، ما جاء في دفن الميت، (١/ ٢٧٦)، رقم: (٦٢٣ - المجلس العلمي الأعلى).
(٤) أخرجه الترمذي في جامعه عن أم المؤمنين عائشة : أبواب الجنائز عن رسول الله ، باب ما جاء في دفن النبي حيث قُبِضَ، رقم: (١٠١٨ - بشار)، قال أبو عيسى: "هذا حديث غريب".