للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تركنا صدقة" (١)، وقالت ذلك عائشة لهن، وبقية العشرة شهدوا بذلك كله، فانقادوا إليه.

الموطن الخامس: ارتدَّت العرب بعد موت النبي، وماج الناس، وصار ما خرج عن أجواز المدينة وأحوازها مملوءًا نُكْرًا، مشحونًا رِدَّةً ومَكْرًا، منهم كافر، ومنهم مانع زكاة، ومنهم مرتاب، فارتأى الصحابة؛ فقال بعضهم: يؤخذ منهم قبول الصلاة، وتترك الزكاة حتى تتمكن الحال، وتستأنس القلوب، فقال أبو بكر: "والله لأقاتلنَّ من فرَّق بين الصلاة والزكاة، والله لو مَنَعُونِي عَنَاقًا كانوا يؤدونها إلى رسول الله لقَاتَلْتُهُمْ على مَنْعِها (٢) " (٣).

الموطن السادس: لمَّا كان قبل مَرَضِ النبي جهَّز أسامةَ في جَيْشٍ إلى الشَّام، فتوقَّف خروجه بمرضه، ثم جاء موته، فقال الناس لأبي بكر: "احبس أسامة بجيشه تَسْتَعِنْ (٤) به على من حاربك من المُجَاوِرِينَ لك، فقال: لو لعبت الكلابُ بخَلَاخِل نساء أهل المدينة ما رددتُ جيشًا أَنْفَذَهُ رسول الله، ولَكِنْ سَأَلَ أسامةَ أن يترك له عمر، ففعل، وخرج فبلغ الشام، ونَكَأَ العَدُوَّ بها، فقالت الروم: إنهم لم يَضْعُفُوا بموت نبيهم" (٥)، وصارت تلك الحالةُ هَيْبَةً في قلوبهم لهم (٦).


(١) تقدَّم تخريجه.
(٢) في (ك) و (ص) و (ب): منعه.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة : كتاب الزكاة، باب أخذ العناق في الصدقة، رقم: (١٤٥٦ - طوق).
(٤) في (ك) و (ص) و (ب): تستعين.
(٥) ينظر: الروض الأنف: (٧/ ٥٨٣).
(٦) أفاد من هذا النص الشاطبي في الموافقات: (١/ ٥٠٥).